أنقرة-الكاشف نيوز:ذكر موقع "عثمانلي" المختص بالشأن التركي، الجمعة، أن الروائي التركي الأشهر، الحائز على جائزة نوبل للآداب، أورهان باموق، تلقى تهديدات جادة متتالية بالقتل، وصلت لحد التخطيط للاغتيال، إلا أن جهاز الاستخبارات التركي نفى في تقرير له وجود أي خطر على حياته.
وفي 19 يناير(كانون الثاني) 2007، وفي وضح نهار إسطنبول، لقي الصحافي التركي من أصول أرمنية، هرانت دينك، مصرعه بالرصاص، على يد مراهق ذي نزعة قومية متطرفة، وذلك بعد رفض بلدية إسطنبول طلب دينك بتعيين حماية شخصية له، على خلفية تلقيه تهديداً بالقتل.
باموق ودينك كلاهما كان هدفاً لانتقادات وغضب كاسح من القوميين المتطرفين، خصوصاً وأنهما يظهران تعاطفاً مع الأرمن ودعماً لهم. الثاني بحكم انتمائه لهم، والأول لموقف شخصي اتخذه، ورآه مناسباً لإنسانيته، بحسب ما أفاد موقع "عثمانلي".
وفي فبراير(شباط) 2007 وبعد مقتل هرانت دينكك، من أصل أرمني لكتاباته التي تندد بمذابح الأرمن، تلقى أورهان باموق تهديدات بالقتل، وأخبرته السلطات الأمنية أن هذه التهديدات جدية، فقام بسحب ما يقارب المليون دولار وسافر هارباً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأجهضت الشرطة التركية، محاولة لاغتيال باموق في 2006، خططت لها جماعة قومية متطرفة، بجانب عشرات الدعاوى القضائية التي تتهمه بإهانة الهوية التركية، بعد أن أجرى مقابلة مع صحافي سويسري، ديسمبر(كانون الأول) 2005، انتقد خلالها معاملة الأرمن والأكراد على أيدي الإمبراطورية العثمانية والجمهورية التركية، كما اعترف بالمذابح ضد الأرمن وبشاعتها.
المخابرات.. تكذب
وفيما قالت تقارير جهاز الاستخبارات الوطنية في 2006، أنه لا يوجد خطر حقيقي يهدد حياة باموق، جاءت تقارير الشرطة على العكس، مؤكدة أن حياة الروائي العالمي معرضة للخطر.
وأظهرت وثائق سرية، أن استخبارات الشرطة حددت تهديداً ملموساً ضد باموق من مجموعة تركية تابعة لتنظيم القاعدة، وهي منظمة "غزاة الشرق الأعظم الإسلاميين"، والتي كانت مسؤولة عن عشرات التفجيرات وعمليات القتل في تركيا خلال التسعينيات، وكانت تقوم بدور نشط في تجنيد الجهاديين الأتراك للانضمام إلى النزاعات في سوريا، وبلدان أخرى خلال السنوات الأخيرة.
ووفق موقع "عثمانلي"، فقد وفرت حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، غطاءً سياسياً لمنظمة غزاة الشرق الأعظم الإسلاميين، إذ تدخل في 2014 لإطلاق سراح زعيمها الراحل، صالح ميرزا بك أوغلو (اسمه الحقيقي صالح عزت ارديش)، من السجن، حيث كان يقضي عقوبة السجن المؤبد.
اعتراف أردوغان
واعترف أردوغان، في مقابلة تليفزيونية، بأنه أمر رجاله بالقيام بكل ما يلزم لمساعدته على الخروج من السجن، وهنأه عبر الهاتف فور إطلاق سراحه، وعقد اجتماعاً خاصاً معه في مكتبه في إسطنبول.
وبينت تحريات الشرطة التركية، أن إحدى منشورات المنظمة، بعنوان "قاعدة"، استهدفت باموق، إذ ذكرت: "لقد سجلنا كل التعليقات التي أبداها باموق". اعتقدت الشرطة أنه بذلك ربما يكون معرض للخطر من قبل "غزاة الشرق الأعظم الإسلاميين".
وقد استدعت الشرطة، باموق في 20 ديسمبر(كانون الأول) 2005، وسألته عما إذا كان يريد حماية شخصية، وهو ما رفضه الكاتب. لكنه طلب في نفس الوقت من الشرطة أن يبلغوه بما يستجد من معلومات دقيقة تشير إلى أنه في خطر. ووقع باموق على إفادة في 22 ديسمبر بهذا الشأن، مؤكداً رفضه للحماية الأمنية.
تهديدات ضد باموق
كما خططت مجموعة أخرى ذات نزعة قومية متطرفة، تعمل مع زعيم العصابة المدان، سادات بكر، لمؤامرة أخرى لاستهداف باموق واغتياله. تضمن سجل مكالمات هاتفية اعترضها المحققون الأتراك في 2 أكتوبر(تشرين الأول) 2007، في الساعة الثامنة و26 دقيقة مساءً، محادثة بين اثنين من المشتبه بهم، هما محمد يوجي وكوشكون تشاليك.
واستمرت التهديدات ضد باموق في السنوات التالية، وفق الموقع التركي، وكشفت وثيقة عسكرية سرية أرسلتها قيادة الدرك في إسطنبول، في 12 يوليو(تموز) 2008، أن متشدد تركي يدعى إمره يمان، من محافظة أغري، وهو عضو في "سادات بكر" خطط لقتل باموق، وأن مدع عام في إزمير أطلق تحقيقاً في هذه المزاعم. أوضحت المذكرات الاستخباراتية في ملف قضية التحقيق أن يمان جند مراهقاً يبلغ من العمر 15 عامًا يدعى أيسه أوزبي Ayse Özbey لارتكاب جريمة القتل.
وفي 7 يوليو(تموز) 2008، حصلت الشرطة على معلومات جديدة تشير إلى تخطيط جماعة "حزب الله" التركية، لاغتيال باموق. بيّنت المذكرة أن "حزب الله" كان يدرس تنفيذ هجوم مثير وأنه قد وقع الاختيار على باموق ليكون هدف العملية.
وباموق كاتب وروائي تركي، وأول روائي باللغة التركية يفوز بجائزة نوبل للآداب عام 2006، ولد في اسطنبول في 7 يونيو 1952، وهو ينتمي لأسرة تركية مثقفة.
درس العمارة والصحافة قبل أن يتجه إلى الأدب والكتابة، كما يعد من الكتاب البارزين والمعاصرين في تركيا، وترجمت أعماله إلى 34 لغة حتى الآن، ويقرأه الناس في أكثر من 100 دولة.
وفي فبراير(شباط) 2003، صرح باموق لمجلة سويسرية بأن "مليون أرمني و30 ألف كردي قتلوا على هذه الأرض، لكن لا أحد غيري يجرؤ على قول ذلك".