تقوم أميركا بنشاطات محدودة ضد النظام السوري تتمثل أساساً في تزويد بعض المنظمات التي تعتبرها معتدلة بالسلاح الذي كان في معظم الحالات ينتهي إلى أيدي المنظمات (الأقل اعتدالاً).
يبدو كأن سلوك أميركا المتردد تجاه الوضع في سوريا مؤشر على ضعف أميركا وترددها في عهد أوباما، ولكن ضرب سوريا عسكريا لا يحتاج لجهد كبير من جانب الرئيس الأميركي. تكفي كلمة منه لتنطلق صواريخ الأسطول السادس لتدمير سوريا، ولكن ماذا بعد؟.
هذا هو السؤال الذي يحير أميركا إلى حد بعيد، ذلك أن أي تقييم استخباري يؤكد أن بدائل النظام القائم أسوأ منه، ومن هنا التحول الخجول في السياسة الأميركية تجاه سوريا بحيث أصبحت تفضل ما تعتبره أهون الشرين.
ربما كان الأوروبيون أسـرع من الأميركان في إدراك حقيقة الصراع في سوريا، والمخاطر التي تنتظر أوروبا بعد عودة الإرهابيين المدربين. ومن هنا وصل ضباط المخابرات الغربية إلى دمشق للتنسيق مع الأجهزة السورية في معرفة أبعاد وحجم الإرهاب وخاصة الإرهابيين الذين يحملون جنسيات تلك الدول.
بعد ذبول ما يسمى الجيش السوري الحر والخلافات التي مزقته، أصبح معسكر الاعتدال من نصيب جبهة النصرة، فقد أصبحت النصرة هي المنظمة المفضلة لدى الراغبين في إسقاط النظام السوري، باعتبار أنها الأقرب إلى الاعتدال بين عشرات بل مئات المنظمات المسلحة العاملة في سوريا.
قد تكون جبهة النصرة هي الأقرب إلى الاعتدال بدلالة تحالفها مع الإخوان المسلمين، وقبولها لمبدأ التعددية، ولكن يجب أن لا ننسى أن جبهة النصرة كانت قد بايعت أيمـن الظواهري رئيس تنظبم القاعدة على السمع والطاعة، فهل بلغ العمى ببعض المراقبين درجة تسمح بتصنيف مقاتلي القاعدة ضمن معسكر الاعتدال؟.
أنها مهزلة العصر أن تكون القاعدة رأس الإرهاب الدولي هي النموذج المقدم للاعتدال في الصراع السوري، الذي يستحق الدعم المالي والتسليحي، والذي يبرهن على اعتداله باجتياح مخيم اليرموك والفتك باللاجئين الفلسطينيين.
إذا كانت القاعدة وحلفاؤها في نظر خصوم سوريا محسوبة على معسكر الاعتدال فمن يستحق لقب الإرهابي.