أخر الأخبار
«حماس» ونتنياهو يتراشقان بالأسرى
«حماس» ونتنياهو يتراشقان بالأسرى
في ذكرى الحرب، آخر حرب على غزة، والتي جرت في تموز العام 2014، والتي يطلق عليها الإسرائيليون عملية "الجرف الصامد"، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: إنه يعمل على تحقيق التهدئة، ويستعد في نفس الوقت لشن حرب عسكرية وصفها بأنها واسعة النطاق لم تتلق "حماس" مثلها من قبل، وذلك ضد "حماس" والجهاد الإسلامي.

وأضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي يواجه احتمالاً جدياً بالخروج من الملعب السياسي بعد أقل من ستة أسابيع: إنه ملتزم بإعادة كل من أورون شاؤول، هدار غولدن، أفيرا منغيستو، وهشام السيد. في إشارة للإسرائيليين الأربعة المحتجزين لدى "حماس".
"حماس" من جهتها، دخلت على خط التظاهرات التي جرت مؤخراً في إسرائيل على خلفية مصرع أحد اليهود الأفارقة، من الفلاشا الأثيوبيين، وقالت: إن إسرائيل لم تطرح يوماً اسم منغيستو الأسير المحتجز لديها من أصل أفريقي، في محاولة تحريضية واضحة، لصب الزيت على نار الفلاشا، ولتدفع بنفس الوقت هذا الملف، أي ملف تبادل الأسرى، مع إسرائيل، لأنها بحاجة إلى إنجاز ما، في ظل الحالة الخانقة التي تحيط بها منذ نحو خمس سنوات مضت.
الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" رد على نتنياهو، أو أنه واصل محاولة إحياء ملف الأسرى للضغط على حكومة نتنياهو التي في طريقها لمحطة الانتخابات الصعبة تواجه دعاية الخصوم التي تعتمد بشكل واضح على ملف هؤلاء الأسرى، وكذلك على سياسة نتنياهو تجاه غزة، والتي تعتبرها ضعيفة ولا تهتم بحياة أو ظروف معيشة مستوطني الغلاف، وهدد أبو عبيدة، بتهديد لا يصدقه أحد بالطبع، باحتمال إغلاق ملف الأسرى بشكل نهائي، مشيراً إلى أن سبب عدم اهتمام إسرائيل بالملف يعود إلى اعتبارها أن أسراها إنما هم جثث، أي قتلى، رغم أن الجدل هذا يدور حول الجنديين المفقودين خلال حرب العام 2014، وهما أورون شاؤول وهدار غولدن، ولا يتعلق بالأثيوبي منغيستو أو العربي الإسرائيلي هشام السيد.
طبعاً، كانت رسالة أبو عبيدة موجهة لعائلات الأسرى الإسرائيليين؛ محاولاً تحريكهم للضغط على الحكومة لتحريك الملف، بما يعني أن "حماس" تريد هذا، وهذا يؤكد أنها في ضائقة، تريد أن تحقق إنجازاً ما، خاصة بعد أن نفضت تركيا يدها من غزة، وبعد أن اقتصر الدعم القطري على المنحة المالية التي تمر عبر إسرائيل، وبالتالي تمنع على كوادرها، خاصة من القساميين الذين يحكمون غزة بقبضتهم الحديدية، وبعد أن اتضح لهم أن ملف التهدئة بما يمكن أن يتضمنه من "تخفيف للحصار" أمر غير ممكن إلى نهاية العام بسبب الانتخابات الإسرائيلية المستمرة منذ بداية هذا العام!
ضائقة "حماس" تدفعها إلى الذهاب لآخر الدنيا للبحث عن مخرج، إلا أن تذهب لرام الله، وهذا ما يفسر إرسالها للوفد الذي كان يجب أن يكون على رأسه إسماعيل هنية شخصياً، إلى طهران، لدرجة أن تعلن من هناك دخولها حلف المقاومة مع إيران و"حزب الله"، مغامرة بذلك بالخيط الواهي الذي يربطها بدول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، أي تجمع دول الخليج المناهض لإيران، وذلك خضوعاً لاستحقاق تحالفها الداخلي مع "الجهاد"، ورضوخاً لضغط عسكرها، وكذلك لأنها تدرك أن بوابة إيران تفتح لها مجدداً أبواب سورية، وذلك بعد أيام فقط من ذهاب وفدها برئاسة موسى أبو مرزوق لموسكو.
تسعى "حماس" إلى جمع عدة أوراق بهدف تكتيكي، وهي تظن بأن السلطة الفلسطينية وهي تواجه الأميركيين والإسرائيليين في معركة كسر العظم حول صفقة العصر، باتت قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وأنها ستكون بديلاً مؤكداً، عليها أن تستعد لاحتلال الموقع بقوة وبأكبر عدد من الأوراق التفاوضية، حتى لا يقال إنها "صنيعة إسرائيلية". وهي تنتظر السيطرة على الضفة الغربية في حالة حدوث فراغ أمني أو انهيار سلطوي، لتظهر بمظهر القيادة الموحدة، وليس بمظهر حكومة دولة غزة فقط، ذلك أن السلطة على عكس "حماس"، وهي تواجه صفقة العصر والأميركيين والإسرائيليين ميدانياً في القدس والضفة الغربية، وسياسياً ودبلوماسياً في كل مكان، لم تقطع الخيوط مع حلفاء واشنطن من عرب الخليج، ولم تشن حرباً ولا حتى إعلامية لا على البحرين ولا الإمارات ولا عُمان، ولا السعودية بالطبع.
"حماس" لم تفعل هذا بشكل معلن أو جلي أو واضح، لكن ذهاب وفدها لطهران يبعث برسالة للإسرائيليين والخليجيين، مفادها: إن لم يقدموا لها خشبة الخلاص، فإنها ستنحاز لعدوهم المشترك.
كذلك، فإن "حماس" تظن أن ورقة المصالحة أو إنهاء الانقسام ما هي إلا قشة إنقاذ للغريق أي السلطة، ولهذا فإنها هزت أكتفاها لما قدمته السلطة من تنازل مؤخراً بتجاوزها لعملية إطلاق النار على موكب رئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله، واكتفائها بورقة خطية مكتوبة تعلن فيها "حماس" استعدادها لمتابعة تنفيذ اتفاق 2017.
رد مسؤولو "حماس" المتشددون بالرفض، وحتى أنهم قالوا إن ذلك الاتفاق لم يعد قائماً؛ بحجة أن رام الله قد حلّت حكومة التوافق، بتشكيلها لحكومة محمد إشتية، وبذلك فإن "حماس" تؤكد أنها ما زالت تتابع وهم إقامة إمارتها ليس في غزة فقط، بل وتحقيق حلم التربع على المكانة القيادية للشعب الفلسطيني، حتى ولو كان ذلك بعد خراب مالطا.
تبحث "حماس" عن ذاتها فقط، ولا تهتم لا كثيراً ولا حتى قليلاً لا بالشأن الوطني ولا بالشأن العام، وما زالت تواصل السياسة ذاتها التي اتبعتها منذ العام 1988 وتأكدت منذ العام 20017، وهي سياسة التفرد والوصول إلى الحكم والسلطة _ لأي حكم أو سلطة _  وبأي ثمن، حتى لو على الطريقة الداعشية، ويقيناً، إن رام الله لو قدمت لها الشمس والقمر فإنها لن تكتفي، فهي أولاً وأخيراً ليست حركة ديمقراطية، ولا تؤمن أبداً لا بالعمل الجماعي ولا بالمنطق الديمقراطي، لا في الحكم ولا في المقاومة، فضلاً عن حمل المشروع الوطني، ومشروعها أصلاً من نوع آخر، مختلف إن لم يكن مناقضاً، وهي قد انتظرت عشرين عاماً ما بين 67_87، حتى تدخل ميدان المقاومة، لذا فهي على استعداد للانتظار عشرين عاماً أخرى حتى تسقط السلطة الوطنية، فتدخل كبديل، تماماً كما فعلت كل جماعات الإسلام السياسي في المنطقة، التي لم تحارب إسرائيل يوماً، لكنها حاربت الأنظمة المحلية بهدف الجلوس على مقاعد الحكم.