أخر الأخبار
لهذا السبب تذهب زوجتي للمقبرة
لهذا السبب تذهب زوجتي للمقبرة

كم كنت مغفلا وساذجا لأنه تعذّر عليّ إدراك أمر في منتهى البساطة، فلو كان في محلي أغبى الأغبياء لتسنّى له معرفة الحقيقة التي غابت عني، بعدما قضيت أزيد من ثلاث سنوات أتخبّط في الاحتمالات والافتراضات واليقين ماثل أمامي، لهذا أعترف بأني لست مؤهلا ولن أكون كذلك في علاقتي مع الجنس الآخر .خلال مدة زواجي المذكورة آنفا، لم أكن أشعر بالراحة أبدا، لأن سرّا في حياة زوجتي، أرقني وكدّر صفو أيامي، فهذه الأخيرة كثيرة التردّد على المقبرة وليس لديها أموات، ليس على الإطلاق، وإنما الذين تستوجب زيارتهم من الأقارب، فكلهم على قيد الحياة، مما جعلني في حيرة من أمري لأنها لا تفوّت فرصة الذهاب إلى ذاك المكان كلما أتيحت لها الفرصة، بعدما أوهمتني أنها تفعل من أجل العبرة وتذكر الآخرة، وبذلك لن تحيد أبدا عن الطريق المستقيم، علما أنها بعيدة كل البعد عن الثقافة الإسلامية، حتى أنها ليست ملتزمة بالصلاة، ففي أغلب الأحيان تتركها لأسباب دنيوية، ولم يحدث منذ ارتباطنا أنها حملت المصحف الشريف ولم أرها البتة تردّد أذكار الصباح أو المساء أو شيئا من هذا القبيل، بمعنى أصح، زوجتي بعيدة كل البعد عن خالقها، إلا فيما يتعلّق بزيارة المقبرة واتخاذها لتلك الذريعة.كثيرا ما كانت هموم الدنيا وانشغالاتها تصرفني عن التفكير في هذا الأمر، لكن إفراط زوجتي وتردّدها الدائم على المكان، سرعان ما كان يفتش عن الإجابة في عقلي الذي عجز تمام العجز، حتى اهتديت إلى طريقة بل خطة جعلتها حيّز التنفيذ على الفور، حتى لا أتردد، لأني في البداية لم أشأ الاعتماد عليها، وكأني لا أثق في شريكة حياتي، ولم أكن كذلك لأني لم ألتمس منها تصرّفا مشبوها أو مؤشرا على أنها من تلك النوعية والعياذ باللّه.اتّبعت خطواتها ويا ليتني لم أفعل، فزيارتها إلى المقبرة كانت من إجل إحياء ذكرى الحبيب الذي مات منذ خمس سنوات، عرفت ذلك من خلال ما دُوّن على «شاهد»، القبر كانت تبكي بحرقة، ما يدلّ على الحب الدفين الذي يحمله قلبها وكأنها ليست على ذمة رجل تزوّجها بعدما أظهرت له كل الحب والرغبة في الارتباط، هالني هذا المنظر فرجعت من حيث أتيت، علما أني رأيتها ولم ترن، ذهبت إلى البيت وجلست مدة من الزمن قبل عودتها أتأمل ولا أكاد أصدّق، فهل يعقل أن هذه الجدران والنوافذ والستائر، وكل الأشياء عبارة عن أوهام وخيال، على أي أساس بنيت حياتي مع هذه المرأة الغامضة، فهل يعقل أن يتّسع قلب المرء لأكثر من شخص في آن واحد، وهل يحتل الأموات الصدارة ويُلقى بالأحياء على الهامش؟.