الحكم القضائي المصري بحظر انشطة حركة حماس في مصر لن يغير شيئا في المعادلة السياسية التي انقلبت بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي في صيف العام الماضي وما تلاها من اقصاء لحركة الاخوان المسلمين وضرب لبنيتها. خسرت حماس الحليف المصري الأهم، بعد ان فقدت سوريا وايران وحزب الله على خلفية الثورة السورية، واغلق معبر رفح وتم هدم نحو 1200 نفق بين قطاع غزة وسيناء، وبذلك احكم الحصار السياسي على حركة حماس والاقتصادي على أهل القطاع.
القرار القضائي يضر بمصر كما يضر بحماس، فالقاهرة لم تقطع علاقتها بالحركة الاسلامية في غزة حتى في فترة حكم الرئيس حسني مبارك، ولعبت الاستخبارات المصرية دورا رئيسا في التوصل الى اتفاق القاهرة في العام 2012 بين الفصائل الفلسطينية بهدف انجاز مصالحة سياسية تنهي آثار الحرب الأهلية بين حماس وفتح في غزة في 2007. كما مثل فوز الرئيس مرسي انتصارا لحماس، وعوض عن فقدانها لحليفاتها في ايران وسوريا ولبنان. لكنه كان انتصارا قصير الأمد.
اليوم حركة حماس تعاني عزلة سياسية واقتصادية، ويأتي القرار القضائي المصري ليوسع الهوة بين الحركة، المتهمة في قضايا الهجوم على السجون المصرية والتخابر وتهريب اسلحة وقتل مجندي الجيش المصري في سيناء، وبين النظام الجديد في القاهرة.
رئيس المكتب السياسي خالد مشعل قابع في مقره في قطر، والحركة تعاني من حصار اسرائيلي-مصري، وهي مضطرة الآن الى لعب ورقة المصالحة في الوقت الذي يعبر بعض مسؤولي حركة فتح عن تفهمهم للقرار المصري. ورقة المصالحة تتعرض لاستهداف اسرائيلي-اميركي من جهة والى رفض فتحاوي من قبل البعض الذي يعتقد ان حصار حماس وعزلها سياسيا سيؤدي في النهاية الى اسقاطها!
لكن حركة حماس لديها خيارات منها بث الحياة في قنوات الاتصال مع اسرائيل بوساطة قطرية. في اسرائيل يقولون ان قطر تتواصل مع القطاع، اقتصاديا وسياسيا، عن طريق معبر اريتز وانها تضخ الاموال الى القطاع بل وتعرض وساطتها مع تل أبيب. هذا خيار سيؤكد افتراق المسارين: مسار نجاح وساطة وزير الخارجية الاميركي جون كيري في الضفة الغربية، بينما تختار غزة طريقا آخر. وبهذا يتكرس الوضع الانفصالي القائم بين سلطة فلسطينية في الضفة الغربية وحكومة حماس المقالة في غزة.
الخيار الآخر لحماس هو اعادة ترميم منظومة علاقاتها الخاصة مع ايران، باعتبارها الحضن المتبقي لحماس بعد ان فقدت مصر وسوريا. وهنا لابد من السؤال عن توقيت اعلان اسرائيل توقيفها سفينة قيل انها تنقل صواريخ من ايران، عبر العراق، الى سيناء فغزة. شيطنة حماس وربطها بايران في هذا الوقت يخدم اهداف اسرائيل بزيادة عزلة القطاع وحكامه.
خيارات حماس اليوم صعبة ومكلفة، خاصة في ظل الخلاف الخليجي المستجد والضغط على قطر لوقف دعمها للاخوان المسلمين، لكن الحركة استطاعت التأقلم مع المتغيرات السياسية، وهي لاتزال تتحكم في قطاع غزة الذي سيدفع ثمن التباعد مع مصر واغلاق معبر رفح. حماس هي اليوم بين الارتماء في الحضن الايراني او فتح قنوات اتصال مع اسرائيل وتعديل موقفها السياسي!