أخر الأخبار
تسونامي الإضرابات في الأردن
تسونامي الإضرابات في الأردن

ان دافعي لكتابة الاسطر التالية هو ما بدأنا نشهده صبيحة كل يوم وما نسمعه او نقرأ عنه من وجود فئة من العاملين بأجهزة الدولة وقيامها بالإضراب عن العمل لنيل ما يعتقدون من حقوق ومكاسب متسببين في تعطيل الحياة العامة، واعلم مسبقا بان الفكرة التي اود الاشارة اليها من خلال هذه الاسطر لن تعجب النقابات العمالية والمهنية مع العلم انني ممن ينتسبون الى واحدة من هذه النقابات، ولن تعجب ايضا المطالبين بالحقوق مع العلم انني لست ممن يجادل في حق الموظفين والعمال في الدفاع عن مكاسبهم، وامتيازاتهم ومختلف حقوقهم، وممارسة كافة الحقوق المكفولة لهم في القانون للمطالبة بحقوقهم، لكن ما العمل حين تصطدم المطالبة بهذه الحقوق مع حقوق طبقات وشرائح أخرى من المجتمع؟ ما العمل حين تصبح المطالبة بهذه الحقوق مجرد تعطيل لمصالح المواطنين وإضرار متعمد بهم من خلال الإضراب والانقطاع عن العمل؟ ما العمل حين تعطي هذه الإضرابات ذريعة لمن يريد أن يعبث بأمن هذا البلد واستقراره؟
هنا يظهر نوعا من الاصطدام بين حق وحق، حق الموظف في المطالبة بحقه الذي يعتقد انه سيحصل عليه من خلال الإضراب، وحق المواطن في الاستفادة من المرافق العامة المكفولة له أيضًا بكل القوانين. هذا الكلام ينطبق على ما بدأنا نشهده ونصبح عليه كل يوم في بلدنا الغالي من إضرابات واعتصامات تمثل ظاهرة جديدة وثقافة دخيلة على مجتمعنا لم تكن موجودة من قبل، ومهما كانت المسوغات والمبررات والأسباب التي دفعت هؤلاء المضربين والمتظاهرين، ومهما كانت شرعية الإضراب من الناحية القانونية، فلا شك أن الآثار السلبية والخسائر المترتبة على هذا الأمر تفوق ما قد يترتب عليه من المصالح والمنافع الفئوية المحدودة، سواء على المستوى الاقتصادي أم الاجتماعي أم النفسي.
لا شك أننا أمام مرحلة صعبة يمر بها الأردن، وعلى كل الأطراف تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على أمن واستقرار هذا البلد سواء من الأفراد والمواطنين الذين يجب عليهم أن يغلبوا المصلحة العامة لبلدهم، أم من قبل الحكومة التي يجب أن تتحلى بروح المسؤولية والعدل في التعامل مع مطالب مواطنيها، وأن يكون لديها رؤية واضحة لاستشراف المستقبل، والمواقف الواضحة هي التي تعبر عن صحة وسلامة هذه الرؤية التي يجب ألا تكون في معزل عن الواقع الذي تمر به المنطقة العربية في الوقت الراهن، وأن ما نراه من نيران مشتعلة في بعض الدول كانت بدايتها من مستصغر الشرر، ولا شك أن الشرر كَثُر وتطاير في أماكن متفرقة وينذر بخطر كبير، فعلى الشرفاء والمخلصين إدراك الأمور قبل فوات الأوان، لأن سوء استخدام الحقوق المشروعة والحرية المكفولة يؤدي في النهاية إلى الفوضى ووقتها لا ينفع الندم.
ختاما: أقول لمن يجيزون الاضرابات يجب ان لا تشل الاضرابات مصالح الدولة وفرض الرأي ولي الذراع بهذه الصورة، وللحكومة اقول ان استجابتها لذلك تعني أننا نعيش عصر الفوضى الإدارية التي أعتقد أن عواقبها وخيمة أهمها على الميزانية العامة التي ستستنزف بلا تعويض لأن الزيادات يجب أيضا أن تعني معها زيادة دخل الدولة، وأخيرًا نحن بحاجة إلى الحكمة والتطوير ورؤية أخرى للأمور.
وقبل ان انهي انقل لكم بعض الآراء الفقهية في الاضراب.
فتوى الشيخ صالح الفوزان: الضرر لايزال بالضرر إذا حدث حادث فيه ضرر او منكر فليس الحل في أن تكون مظاهرات او اعتصامات او تخريب وهذا ليس حل هذا زيادة شر ولكن الحل مراجعة المسؤولين ومناصحتهم وبيان الواجب عليهم لعلهم أن يزيلوا هذا الضرر.
فتوى الشيخ العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى: هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟
 قال رحمه الله: ان المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم، ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرا ممنوعاً، لذلك نرى إن المظاهرات أمر منكر. وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية...
والسؤال الذي اترك الاجابة عليه مفتوحة:
هل ما نشهده في بلدنا من إضرابات واعتصامات حق مشروع أم فوضى؟