لم تصل توقعاتي في أحلك مستوياتها أن ينتحر الرئيس عباس سياسيا رغم صعوبة الوضع الذي جلبه للشعب الفلسطيني منذ جاء إلى الحكم، فغالبية الشعب الفلسطيني كانت تتوقع من الرئيس بعد الانكشاف السياسي المهين أن يركب طائرته ويذهب ليقيم في قطر ويترك القضية والشعب قبل الانقضاض عليه من جموع هذا الشعب العظيم مثلما يفعلها الرؤساء الدكتاتوريين الآخرين فيريحوا ويستريحوا، ولكن المفاجأة لم تقف عند الأنتحار السياسي فقط بل هذا الرجل انتحر سياسيا وأخلاقيا واجتماعيا ووطنيا وحاول نحر فتح وضرب الكل الوطني تحت الحزام بهذه الطريقة. وأنا أسمع كلمات الرئيس وأنظر في عينيه تهدد الجالسين أسترجع كل ما كان يقوله الفتحاويون العارفون بالرئيس وحقده على عرفات وثورته المسلحة مبكرا، تلك الثورة التي يتربع الرئيس اليوم على رفات عسكرها وشهدائها العظام ودمائهم الطاهرة التي اضاعها يوم جاء به الزمن ليتسلط على أبطالها الباقين خاصة الذين يرى فيهم عقدته الملازمة له من الأقوياء منذ تآمر عليهم ويهدد الباقين منهم بالفصل، بل سيفصل الباقية الباقية من اللجنة الركزية في المؤتمر القادم وأبشركم بان اللجنة المركزية كلها لن تعود المرة القادمة بهذا النهج إن لم يكن قبل ذلك فحالة الرئيس السيكولوجية تقول ذلك. بداية التقديم في خطابه كان يحرض ويغري الشباب الحاضرين على هامش الاجتماع بأنه سيضعهم في المجلس الثوري القادم اذا تنشطوا ولا أدرى ما كان يقصده من ذلك سوى تهديد الجالسين من المناضلين في المجلس الثوري أم يريد مساعدتهم ضد عقدته الكبرى " دحلان " كما تبين من كل ما قاله بعد ذلك. أكثر من نصف ساعة عرض مقدمة عن تاريخ الانشقاقات داخل فتح ليتحدث بعدها بكلام غير مقنع على الاطلاق عن انشقاق دحلان ليوحي للمستمعين والمشاهدين أن دحلان منشق وأنه في سياق عمليات الانشقاقات السابقة ولم ينتبه أن شعبنا يعرف قصة دحلان وسببها أولاده التي يعرفها العالم أجمع وعمل كل ما هو غير قانوني وتجاوز النظام الحركي ليفصل دحلان قسريا من الحركة وأن دحلان طوال ثلاث سنين وهو يرفض الفصل التعسفي وبأنه فتحاوي لن يذهب بعيدا عن فتح وظل يقول بأنه سيكون بجانب الرئيس وهو في فتح برغم الخلاف ولم ولن يغادرها فكيف يكون منشقا؟ ولكن الرئيس وأعوانه يريدون ذلك للتخلص منه وينعتونه بالمنشق. المشهد العام في الخطاب حتى هذه اللحظات التنظيمية كان تحريضيا حاقدا على شخص دحلان وواضح الصراع بين شخصيتين تنظيميتين ولا بأس. أما الانتقال الي الجانب السياسي الذي اصطحب مع دحلان مثل حسن عصفور وشخصيات أخرى واتهاماها بخداع الرئيس عرفات في المفاوضات فكانت غير موفقة على الاطلاق لأنه ببساطة كل الشعب الفلسطيني يعرف أن أبو عمار لم يمس هؤلاء بسوء بل كانت علاقاتهم به فوق الطبيعي ولم ينعتهم في لحظة كما عباس بلقب كرازاي فلسطين ومدلول الكلمة في حينها كبير ويشهد الشعب الفلسطيني كله على علاقة عباس بالرئيس وما جرى لعباس حين أصبح رئيسا للوزراء. خرم عباس على اللمز على مصر وسوريا ولبنان والامارات بما لا يجب أن يحدث وفضل عليهما قطر واخطر هلوسات عباس هي تلك التهم الأمنية التي لم يدرك أخطارها وأراد أن يحرق المعبد على من فيه فوزع التهم على من يريد دحلان في قضية صلاح شحادة ويوسف عيسى في سيناء واللينو في لبنان والشاهد الوحيد عزام الاحمد في كل ذلك ولكي لا يكون عزام شاهدا للزور فليخرج ويتحدث للناس مهما كلفه الثمن وإلا يكون عزام هو مفرمت الرئيس وهذه قضية أخرى تحتاج تمحيص. - طيب دحلان وافهمنا الصراع معه طيب وحسن عصفور ما هو الصراع معه؟ - كان واضحا ما وصلت اليه حالة الفزع من شيء إسمه دحلان وكيف يمارس الرئيس التبحير والتهديد بالطرد من التنظيم ويسقط الرعب والتخويف على الجالسين في منظر محزن وتعيس لا يمت بصلة لقائد ورئيس بهذا الشكل، ويستصغر أعضاء مجلسا ثوريا لفصيل يقود الشعب الفلسطيني نحو التحرر. - وكان اسكتش مسرحي غريب من التشهير بحق أعضاء مناضلين في المجلس الثوري نسينا معه ونسي الرئيس أن الكلام لا يفيد واذا كلان لديه اثباتات فلماذا ينتظر على الفساد والسرقة ؟ ولكن باطن الرئيس لا يؤمن بالقضاء وعدالته فأراد التشهير بالناس وتلك مصيبة وسابقة للتشهير من رئيس على الهواء مباشرة لحرق فتح وقادتها. - هو قالها بأن دحلان أراد أن يأخذ من صندوق الاستثمار مائة وخمسين مليون دولا للتنظيم أي أن دحلان قلبه على فتح والتنظيم التي نسيها عباس والآخرين هكذا نفهم ذلك. - وكيف يتستر الرئيس على اتهامات خطيرة بحق مناضلين استشهدوا كل هذا الوقت فلو لم يتحدث دحلان عن أولاد أبو مازن لما ساق تلك الاتهامات ولكنه يريد دق الاسافين في قلب الشعب الفلسطيني لسنوات يحلم بها وهو في قبره لتخريب أي مصالحة بين دحلان وفتح وحماس وهذا هو الاجرام بحق شعبه. - لما انتا بطل بهذا الشكل لماذا لم تأت لغزة لترى كم يحبوك أهل هذا القطاع على الاقل مثل المناضل ماجد أبو شمالة كما رأيت الناس في ديوان آل أبو شمالة. - واذا كان دحلان بهذا السوء فهل المصريون والاماراتيون والسعوديون قاصرون عن معرفة ذلك أم أنهم لا يعرفون بأنك أفضل. - لا أدري لماذا كان المشهد يظهر أمامي بأن هذا تقرير كيدي مفضوح من المخبر عباس وليس أكثر من ذلك إلا اذا كان ما قلته سابقا من تحالف عباس وحماس وقطر صحيح لمرحلة جديدة ينثر فيها عباس تلك الأوراق لتلتقطها حماس ونبدأ عصر من المناكفة تغيب فيها مصالح شعبنا بتحالفات أقليمية تتصارع هنا على أرضنا نخدم فيها قطر في مأزقها الخليجي والعربي. - صدقوني كنت أستمع كما يستمع أعضاء المجلس الثوري في القاعة وهم وأنا متأكد أننا نحس في داخلنا أن الرئيس وحيدا لا أحد مقتنع به أو بكلامه أو حتى يحبه ولكن الدولة البوليسية التي جعلت الرئيس يتنقل بنظرات الغضب والاستئساد بين الوجوه الجالسة تنبؤني بمأزق الرئيس قبل الرحيل الأكيد، وكنت أرى دحلان في طريقه إلى العرش منتصرا بعد أن نفذت أوراقك أبو مازن.