أخر الأخبار
مأساة أقدم أسير في العالم.. يونس: قضى 14 ألف يوم في الأسر
مأساة أقدم أسير في العالم.. يونس: قضى 14 ألف يوم في الأسر

من المؤلم .. والمؤلم جدا.. لا بل والمفجع...أن تفتح جرح الاسرى الفلسطينين..لتجد صنوف المعاناة، والتعذيب النفسي والجسدي غير المسبوق، ورغم ذلك ...تسري في عروقك الكبرياء وانت ترى هؤلاء الابطال المعزولين عن العالم، المحشورين في زنازين انفرادية، وقد مضى على بعضهم «35»عاما، كما هو حال بطلنا هذا: كريم يونس .. وقد تحولوا الى قادة، الى منظرين في الصمود والوطنية ومقاومة الاحتلال، الى مانحي الامل وهم الاسرى .. والى مانحي الارادة والعزيمة والعنفوان.. وهم المكبلين بالاغلال والاصفاد ..
كثيرون قرأوا عن معاناة الاسرى وعذاباتهم وصبرهم، ولكن القليل منا.. من وقف امام مكنون هؤلاء الابطال، على الانسان في دواخلهم، على صبرهم اللامحدود، وعن حزنهم النبيل، عن عتبهم، وعن كرمهم بلا حدود .. عن فواجعهم وقد فقدواالاب والام والشقيق والابن والصديق الوفي..وباتوا في حيرة من مستقبل ينتظرهم، وهم من رفض الحاضر واطلق عيه النار.. ليصنع المستقبل الحر النبيل ...الذي يليق باجمل واقدس الاوطان.
تعالوا معنا اصدقائي لنقلب صفحات عزيزة جميلة، ولكنها موجعة من حياة اقدم اسير فلسطيني، من حياة المهندس كريم يونس، ابن قرية عارة الجميلة في المثلث الفلسطيني، لقد اثرنا ان نتركه يقول ما يشاء، دون تدخل في التحرير.. لان الكلام العفوي هو الاصدق، والاقرب الى النفس .وملامسة المشاعر .. فمن خرج من القلب يقع في القلب..
«» ولدت ومعي هوية زرقاء، داخل الاراضي المحتلة 48، بقرية عارة بالمثلث، درست الابتدائي بنفس القرية، والثانوي بمدرسة «الساليزان» بالناصرة، وبعدها هندسة الميكانيك بجامعة ابن غوريون، كان بامكاني ان أتصهين باللبس والاكل والفكر.. واصير صهيوني ولسان حالي يقول « مالي ومال هالناس» ... ولكن لا .. لم استغل الهوية الزرقاء، وهربت السلاح، وخطفت جنديا وقتلته، وكان كل هذا بدون ما يعرف احد، حتى ابوي ما كان يعرف، كان كل الشغل بالسر، وراحت الايام واجت.. لحد ما اقتحمت قوات الاحتلال بيتنا .. وسألوا امي.. وين كريم ؟؟ وين كريم؟؟
امي ردت عليها.. كريم بيدرس ببير السبع..
ويوم 6-1-1983 قدموا الى الجامعة، وسالوا الدكتور مين عندك هون عرب؟؟ فقام بالتأشير على طاولتي، واعتقلوني امام كل الطلاب، ليبدء الضرب والتحقيق والعذاب.. وبعد «12» يوما .. اعتقلوا ابن عمي ماهر، وبدء التحقيقي معي ومع ماهر وبلغوا اهلي انهم اعتقلوني..
اهلي عانوا كثيرا وهم يبحثون عني من سجن الى سجن واخيرا عثر علي المحامي، واستمرت جلسات التحقيق» 27» شهرا، وبعد سنة من الاعتقال حكموا علي بالاعدام شنقا بالحبل، ولبسوني بدلة حمراء، وظليت انتظر الاعدام مدة طويلة، واهلي زاروني وشافوني بالزي الاحمر .. ما ادى الى تدمير نفسياتنا جميعا، وبعد «9» اشهر الغوا حكم الاعدام وحكموني مؤبد مفتوح..
المحامي استغل ثغرة في نص الحكم، وتحدد المؤبد ب»40» عاما..
بدأت زيارة امي للسجون زارت سجن الجلمة والرملة وعسقلان ونفحة وبئر السبع والشارون ومجدو وهداريم، أقمت في سجن نفحة «6» سنوات كانت امي تطلع من الساعة الخامسة فجرا وترجع الساعة 8 بالليل، وتركب 4-5 باصات حتى توصلني، وكانت كل ما تزورني تبكي بكاء شديدا وتنهار.. وانا اقول لها: يا والدتي في السجون «11» الف اسير عربي غيري، كلهم لهم أهل ..وعندهم واولاد..
في السجن اكملت تعليمي، والفت كتابين، ودافعت عن الاسرى، وكنت سندا للمرضى واشرفت على تعليمهم، وعملت اضرابات، وكانت كلمتي مثل السيف لا احد يعارضني، كانوا يمنعوننا من صلاة العيد، وكنت اجمع الاسرى واصلي فيهم، وسلطات السجون لم تجرؤ على التدخل ..
في الذكرى 30 لاعتقالي توفي والدي، وما قدرت اودعه، وظلت بمخيلتي صورة اخر مره رأيته فيها، وانا الان خايف اودع امي بنفس الطريقة، انتظرت الافراج عني في صفقة «شاليط»، وفي اكثر من صفقة، ووصل بهم الحقد بان ينزلوني من الباص في اخر لحظة، وكان لي امل بالافراج عني في اتفاقية «اوسلو».. ولكنهم رفضوا» وقالوا: كريم لازم تموت بالسجن»..
مضى عل سجني «35» عاما اي ما يقارب «12700» يوم وسيفرج عني كما هو مقرر عام 2023، بعد ما اكون قد قضيت في السجن «14600 يوم وسيكون عمري حينها 65 عاما..
لقد مضى على اسري»35» عاما صورة العالم في عقلي لا تشبه العالم الخارجي لا اتذكر الا صورة ابي وامي، رأيت الاف الاسرى، والاف الشهداء، سقطت دول وحكام، مر علي «70» عيدا،وانا بالسجن و6» ادارات اميركية، عاصرت وانا بالسجن ولاية بيرس مرتين ونتنياهو وباراك وشارون وأولمرت..
لا اعرف ماذا تعني كلمة حاسوب، اسمع بالانترنت والفيس ومواقع التواصل الاجتماعي، زوجة اخوي عملت لي صفحة على الفيسبوك بينزلوا عليها كل اخباري..
ويختم هذا المناضل الاسطورة بعذاب ومرارة:
الجريمة لن تكون كيف استقبل التطور، والحرية..الخ
الجريمة هي .. انا الاسير كريم يونس.. اقدم اسير في العالم.. عميد الاسرى ..
ولكن لا احد يعرفه ولا يعرف امه..
كلام موجع وبوح انساني يجرح القلب ويؤجج المشاعر ..
وخاصة عندما يشكو الابطال ويتألمون..!