أخر الأخبار
دعوى لاستراتيجية عربية لمواجهة المشروع الصهيوني
دعوى لاستراتيجية عربية لمواجهة المشروع الصهيوني

عمان - الكاشف نيوز : بحث سياسيون واكاديميون أثر التحولات الإسرائيلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على العرب والفلسطينيين، مؤكدين أن فلسطين والأردن من أكثر الأطراف المتأثرة بهذه التحولات الإسرائيلية والتي تشكل خطراً حقيقي عليهما، حيث دعوا لبناء رؤية استراتيجية عربية على الصعيدين الرسمي والشعبي لمواجهة المشروع الصهيوني في ظل هذه التحولات.

وأكد المشاركون في الندوة التي أقامها مركز دراسات الشرق الأوسط ظهر اليوم بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية من الأردن وفلسطين، على ضرورة الاستمرار بالتمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعدم التفريط بها،  وضرورة استخدام كافة الوسائل المشروعة من قبل الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال تحت غطاء من الدعم العربي، وإعادة بناء منظومة الأمن القومي العربي بما يخدم القضية الفلسطينية، مع الضغط على المجتمع الدولي لحمل إسرائيل على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

 أكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني وعضو الكنيست السابق محمد بركة في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للندوة عدم وجود تحولات جدية في الممارسة السياسية لإسرائيل، لا سيما في ظل نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وما أفرزته من وضع معقد على حد وصفه، وتسارع الحديث عن إعلان صفقة القرن وسط حالة من الانقسام والضعف العربي والفلسطيني، وما تمثله صفقة القرن من تهديد للحقوق الوطنية الفلسطينية وتهديد الامن القومي للأردن، معتبراً أنه لا يوجد إسقاطات للأداء السياسي العربي والفلسطيني على الحراك السياسي الإسرائيلي.

فيما أكد أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان على ضرورة فهم التحولات الإسرائيلية المتسارعة لما لها من تأثير على المنطقة بشكل عام وفلسطين خاصة، وتأثيرها على الأردن لما يمثله من خط الدفاع الأول عن فلسطين، وكونه صاحب الوصاية على المقدسات، كما اعتبر أن حالة لاضعف العربي والإسلامي تعزز استمرار السياسة الإسرائيلية المتشددة تجاه الفلسطينيين، مطالباً باستراتيجية عربية وإسلامية على أساس التمسك بالحق وممارسة مشاريع الاحتلال.

من جهته أعتبر وزير الخارجية الأردني الأسبق كامل أبو جابر أن المشروع الصهيوني يتجاوز نطاق الجغرافيا وأنها تعمل على زرع الصراع في المنطقة وإضعافها وتفتيت الدول العربية لتظل إسرائيل مسيطرة على المنطقة، مع إستمرار الحركة الصهيونية في شيطنة العرب لدى العالم العربي، وخلق حالة من العداء بين القوميات الرئيسية في المنطقة والتي تتكون من العرب والفرس والترك والأكراد، مشيراً إلى أن صفقة القرن تمثل مشروعاً قديماً تم تنفيذ العديد من بنودها التي تتمحور حول تصفية القضية الفلسطينية.

 ولفت مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور بيان العمري إلى ضرورة وضع استراتيجية للخروج مما تواجهه الأمة من أزمات وتحديات في مواجهة أعدائها ومواجهة المشاريع الدولية والإقليمية الساعية لإضعاف الامة العربية، معتبراً أن الاستسلام لهذا الواقع يعيق تحقيق المصالح الوطنية والقومية العليا، في حين تسعى  إسرائيل إلى  استمرارها.

وتناولت الجلسة الاولى من الندوة التحولات السياسية  الإسرائيلية حيث تحدث الدكتور مهند مصطفى مدير مركز مدى الكرمل في حيفا حول ما تشهده إسرائيل في العقد الأخير من إعادة إنتاج تيار اليمين نحو ما تسميه الأدبيات السياسية اليمين الجديد ، ومحاولة ترجمة سيطرته على السياسة في إسرائيل، إلى حالة من الهيمنة على المشهد العام في المجتمع الإسرائيلي من خلال سلسلة طويلة من السياسات والإجراءات والقوانين التي تجسد سيطرته، وهو ما يجعل اليمين يؤسس لمرحلة الهيمنة في النظام السياسي الإسرائيلي.

فيما قال الدكتور نظام بركات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك أن الساحة السياسية في إسرائيل شهدت مجموعة من التحولات الرئيسية ومن أبرزها،  زيادة تفكك الحركات والأحزاب السياسية وظهور حالة من سيطرة الأحزاب الصغيرة والمتوسطة على تشكيل الحكومات الإسرائيلية غير المتجانسة، بالإضافة إلى  غياب الدور الفعال للقيادات الكارزمية والتاريخية وصعود التيار الديني القومي في إسرائيل وازدياد تأثيره على السياسة الإسرائيلية،  وانحسار دور المؤسسة العسكرية لصالح القوى اليمنية والدينية في النظام السياسي مع  تراجع الثقة بالسلطة ومؤسساتها الرسمية سواء على صعيد السلطة التنفيذية أو التشريعية.

و تناولت الجلسة الثانية للندوة التحولات الأمنية في إسرائيل والتي أدارها الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور قاصد محمود، حيث أشار الدكتور جوني منصور أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في الكلية الأكاديمية بيت بيرل في فلسطين، إلى مفهوم الأمن القومي والعقيدة العسكرية في إسرائيل والتحولات التي طرأت عليها، حيث فند المزاعم الإسرائيلية بأن إيران هي العدو الأول والأكبر ليس لإسرائيل فقط بل للدول العربية وغيرها في المنطقة،  متحدثاً عن عواقب تحويل إيران لتكون عدوًا للعرب بدلًا من إسرائيل، ومحاولات الحكومة الإسرائيلية لتصغير القضية الفلسطينية ومحوريتها وتحويلها إلى قضية هامشية لدى الدول العربية.

فيما أكد الخبير الاستراتيجي واللواء  المتقاعد محمود إرديسات أن نظرية الأمن الإسرائيلي تعتمد على عدد من العوامل المتداخلة، في مقدمتها القوة العسكرية، واستمرارية الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتوسيع عمليات الاستيطان في أيّ أراضٍ تحتلها إسرائيل، والسعي لامتلاك التكنولوجيا وخاصة العسكرية لتبقى متفوقة على أعدائها والدول الإقليمية، والاستمرار بعلاقات إستراتيجية مع الدولة العظمى في العالم، مؤكداً على ضرورة تأمين مناعة إقليمية واستقرار سياسي وتكامل اقتصادي بين أجزاء الوطن العربي وتعزيز آليات وقواعد العمل وتمتين العلاقات بين وحدات "النظام العربي" ، مع إنجاز المصالحة الفلسطينية، مراجعة دور السلطة الفلسطينية في التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها لتكون رافعة النضال الفلسطيني رسميًا وشعبيًا.

كما بحثت الجلسة الثالثة من الندوة والتي أدارها الوزير الأسبق الدكتور محمد مامسر التحولات الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل، حيث أشار الدكتور نصر عبد الكريم أستاذ المالية والمحاسبة في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأميركية في رام الله إلى ما يتميز النظام الاقتصادي الإسرائيلي من درجة عالية من المركزية خصوصًا في سيطرة الحكومة على الموارد، وارتباطه بشكل وثيق بالسياسة التوسعية المبنية على أيدولوجية قومية دينية يهودية، وأثر هذا الاقتصاد بشكل مباشر وجوهري على الفلسطينيين والعرب، والسيطرة الإسرائيلية على توجيهات المساعدات الأمريكية وسياسة العقوبات الاقتصادية سواءً كانت على الفلسطينيين أو العرب.

من جهته أشار الدكتور خالد إبو عصبة مدير معهد مسار للأبحاث الاجتماعية والتطبيقية في حيفا ما يعيشه واقع المجتمع الإسرائيلي اجتماعيًا واقتصاديًا من التناقض الداخلي ومشاكل أساسية تتعلق بالمبنى الاجتماعي والتباين الثقافي لدى قطاعات عديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وحالة القلق على استمرار التماسك الاجتماعي والثقافي للمجتمع الإسرائيلي في ظلّ خشية فقدان الروح الوطنية "الصهيونية"، مع استمرار السياسة الإسرائيلية لخلق واقع بعدم وجود أي إمكانية من التطور الاقتصادي الفلسطيني في ظل سيطرة محكمة للاحتلال، وجعل هذا الاقتصاد مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي ومتحكم حتى بقراراته السياسية.