عمان - الكاشف نيوز : يدخل مجلس النواب اليوم في حوار متأزم على جبهتين، الأولى مع غرفة التشريع الثانية (مجلس الأعيان)، على خلفية آلية احتساب التصويت في الجلسات المشتركة، والثانية، في أعقاب “مشتركة الأمة”، مع الحكومة، التي ينتظر منها “النواب” أن تقوم بالرد على قراراته المتعلقة بالعلاقة مع إسرائيل، وتحديدا طرد السفير الاسرائيلي والغاء معاهدة وادي عربة.
وخلص “النواب” في أعقاب جلسة المناقشة العامة الأربعاء الماضي، والتي عقدت في اعقاب قضية اغتيال القاضي رائد زعيتر، على ايدي جنود الاحتلال الإسرائيلي، على الجانب الآخر من جسر الملك حسين، قبل نحو 8 أيام، لجملة من الطلبات المقدمة للحكومة.
وكان المجلس أمهل الحكومة مدة أسبوع للرد على تلك الطلبات وعددها 9، تحت تهديد طرح الثقة فيها، وفقا لمذكرتين وسندا لأحكام المادة 141 من النظام الداخلي، التي تنص “يحق لطالبي المناقشة العامة وغيرهم طرح الثقة بالوزارة أو بالوزراء بعد انتهاء المناقشة العامة، وذلك مع مراعاة أحكام المادة 54 من الدستور”.
جلسة اليوم يتوقع أن تقدم فيها الحكومة ردها على مهلة النواب ومطالبهم، وأن تطلب في ردها مهلة إضافية بانتظار نتائج التحقيق المشترك، الذي يجري في ظروف قتل زعتير.
بالمقابل، فان فريقا نيابيا يدفع باتجاه أن يكون اليوم حاسما، وهو موعد لرد الحكومة على ما تضمنته مذكرتا طرح الثقة، وهي أربعة مطالب حصرية، تشمل طرد السفير الإسرائيلي من عمان فوراً، وإعلان الحكومة عن استدعاء السفير الأردني في تل أبيب، وإعلان الحكومة رفع تنسيب بالإفراج الفوري عن الجندي المسرح أحمد الدقامسة، وإعلان الحكومة طلب تحقيق دولي في قضية اغتيال زعتير لضمان محاكمة عادلة.
رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة التقى رئيس الوزراء عبدالله النسور قبل يومين، فيما عقد أمس لقاء مطولا مع رؤساء الكتل النيابية للبحث في اجتماع اليوم، ولاطلاعهم على رد النسور، وما دار بينهما من حوارات. وحسب مصادر مطلعة فان الاجتماع النيابي امس لم تمخض عن قرارات وتوجهات حاسمة.
وقرر رؤساء الكتل في اجتماع أمس العودة الى كتلهم للتشاور معها حول مجريات الجلسة اليوم. مشددين على ضرورة اتخاذ موقف نيابي موحد تجاه بيان الحكومة الذي ستلقيه خلال الجلسة.
وبحسب مصادر مطلعة، فان عددا من رؤساء الكتل، عقدوا اجتماعات ليلية مع اعضاء كتلهم للتشاور في الموضوع، واتخاذ القرار المناسب. مشيرا الى ان النية النيابية تتجه للاستماع في بداية الجلسة لرد الحكومة، وخاصة بعد اعتذار الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز لجلالة الملك عبد الله الثاني عما حصل يوم امس.
وتناقش الكتل النيابية كافة الخيارات، بما فيها خيار طرح الثقة بالحكومة خلال جلسة اليوم.
ما رشح من الدوار الرابع مفاده، أن الحكومة لن تطرد السفير الإسرائيلي، ولن تستدعي سفيرنا في تل أبيب، ولن تطلق سراح الدقامسة، ما يعني عدم تنفيذ أي من قرارات مجلس النواب.
وبذلك تصبح الكرة عند “النواب”، وفق مراقبين، يرون انه في ضوء ذلك قد يجري التصويت على طرح الثقة بحكومة النسور، الأمر الذي يعني أن المجلس بحاجة إلى 76 صوتا حاجبا للثقة عن الحكومة، لإسقاطها برلمانيا.
ذلك يستدعي ايضا، أن أي حكومة قادمة، عليها أن تنفذ ما رفضت تنفيذه حكومة النسور الحالية، وهذا الأمر يبدو صعب الحصول، وفق تقديرات مطلعين.
ما يدور حاليا، أن طرفي المعادلة يبحثان عن طرق مرضية للخروج من عنق الزجاجة، وربما يكون مقترح انتظار نتائج التحقيق المشترك مفتاحا للحل، ولهذا جاء اجتماع الطراونة مع رؤساء الكتل النيابية في هذا السياق، وللبحث عن وسيلة يخرج فيها مجلس النواب بأقل الأضرار.
ويتوقع نواب، ان عدم تنفيذ قرارات المجلس بطرد السفير أو حجب الثقة، سيعود بأثر سلبي على المجلس، وسيظهر أعضاؤه بلا موقف، وتضرب مصداقيته، وتكون قراراته لاحقا بلا قيمة، إضافة إلى أنه سينظر إليها باعتبارها قرارات شعبوية، لا تقدم ولا تؤخر، وغير مقنعة للرأي العام، بعدما بات المجلس أمام مطرقة الرأي العام وسندان المصداقية.
أما من جهة الحكومة، فالحال لا تختلف عن حال “النواب” أيضا، فهي تعرف أن النواب أكثر جدية هذه المرة في موقفهم، وقد يذهبون لحد طرح الثقة بها، إن أصرت على ضرب قرارات مجلسهم بعرض الحائط.
النسور يعرف أن موعد اليوم يختلف عن أي موعد آخر، وأن مجلس النواب لن يرضى بضرب شعبيته ومصداقيته بعرض الحائط من أجل عيون الحكومة أو خوفا من إحراجها دوليا وسياسيا.
بالمقابل، يوجد في البيت النيابي من يبحث عن مخرج مرض للحكومة والنواب، إذ يرى نواب أن حل العقدة يأتي من الحكومة من خلال طلبها من مجلس النواب منحها مهلة.
لكل ذلك، ينظر مراقبون لموعد اليوم انه سيكون مفتوحا على الكثير من الاحتمالات، لعل أولها طلب مهلة إضافية، وأكثرها تصعيدا هو الإصرار على طرح الثقة بالحكومة.
على الجهة الأخرى، وفيما يتعلق بأزمة العلاقة بين غرفتي التشريع، ومدى انعكاسها على مشتركة اليوم، فإن العلاقة بين النواب والأعيان تأزمت بشكل لافت، منذ إقرار قانون الضمان الاجتماعي عبر جلسة مشتركة.
واتهم نواب رئيس مجلس الأعيان عبدالرؤوف الروابدة صراحة بـ”عدم إفساح المجال لهم للحديث، والالتفاف على قرارات مجلسهم، إضافة لاتهامات أخرى”.
وفي إعقاب “جلسة الضمان” ظهرت مواقف معلنة في مجلس النواب بعدم الموافقة على عقد أي جلسة مشتركة، إلا بعد صدور قرار المحكمة الدستورية، حول تفسير الفقرة 3 من المادة 89، والمادة 92 من الدستور المتعلقة بالتصويت بأغلبية ثلثي المجلسين في جلسة مشتركة، أو اتخاذ قرار من المجلس بعدم حضور أي من الجلسات المشتركة، إلا بعد صدور قرار المحكمة الدستورية، أو المطالبة بتعديل المادة 92 لوضع حد لمجلس الأعيان في بسط سلطته على النواب، وهو ما عبر عنه عدد كبير من النواب.
ويكشف ذلك مدى التأزم في العلاقة بين مجلسي الأعيان والنواب، والتي أصبحت تخضع للشعور بعدم ثقة النواب بالأعيان.
المحكمة الدستورية ردت أمس على سؤال النواب وتفسيرها للمادة 92 من الدستور بالقول إنه “يجوز لمجلسي النواب والأعيان في اجتماع مشترك إعادة البحث والتداول في المواد المختلف عليها بين المجلسين، ولا يقتصر حق المجلسين في اجتماعهما المشترك على التصويت فقط”.
إذا، قبل معركة النواب مع الحكومة، هناك معركة أخرى مع “الأعيان” عند الحادية عشرة من صباح اليوم من خلال جلسة مشتركة لفض الخلاف التشريعي حول مشروع قانون إعادة هيكلة دوائر حكومية.
وكان مجلس الأعيان أرجأ مناقشة مشروع القانون المعاد من “النواب”، لحين صدور قرار من المحكمة الدستورية يرد على سؤال “الأعيان” المتعلق بجواز إلغاء نص أو أكثر في قانون مؤقت بموجب قانون دائم. يذكر أن القانون المؤقت معروض على مجلس الأمة، ولم يدرس بعد وما يزال معمولاً به، الأمر الذي أجازته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم 11.
وكان مجلس الأعيان أصر لدى مناقشته القانون الإبقاء على هيئة التأمين وديوان المظالم، مخالفين بذلك قرار “النواب” الذي الغاهما والحق حقوق وموجودات هيئة التأمين بوزارة الصناعة والتجارة، فيما آلت حقوق ديوان المظالم وموجوداته إلى هيئة مكافحة الفساد، بحسب تعديلات النواب.