القرار الأميركي بإغلاق السفارة السورية في واشنطن ستترتب عليه مستجدات كثيرة أولها ترجمة الإعتراف الدولي بـ»الإئتلاف الوطني السوري» ممثلاً وحيداً للشعب السوري بتسليمه هذه السفارة وكل سفارات سوريا المغلقة في الدول الأوروبية وبعض دول العالم الأخرى فهناك أعداد هائلة من السوريين في هذه الدول بحاجة إلى خدمات قنصلية لتسهيل أمور حياتهم في الدول التي يقيمون فيها وكل هذا ومع العلم أن مثل هذه الخدمات كانت قد أُوقفت بقرار من دمشق بحجة أن هؤلاء مشكوك بولائهم وأنهم قد يكونون ،وإن بقلوبهم، مع المعارضة.
وحقيقة أنَّ هناك مشكلة فعلية باتت تواجه الجاليات السورية في الخارج منذ تحول الصراع بين هذا النظام والشعب السوري إلى صراع مسلح فهناك مواليد الثلاثة أعوام الماضية الذين ترفض سفارات بلدهم تسجيلهم في القيود الرسمية المعروفة مما يشكل عبئاً كبيراً عليهم وعلى ذويهم وعلى الدول التي يقيمون فيها ومن بينها بعض أو معظم الدول العربية.
وهذا يعني أنَّ حلَّ هذه المشكلة يقتضي إمَّا اللجوء إلى الأمم المتحدة لتتولى هذه المهمة وإمَّا ترجمة الإعتراف بـ»الإئتلاف الوطني» إلى واقع فعلي يقتضي وضع السفارات السورية كلها بتصرفه ويتم التعامل معها على هذا الأساس وعلى أنَّ كل ما تقوم به القنصليات الملحقة بهذه السفارات ملزم لكل الدول المضيفة للجاليات السورية التي تقطعت بها السبل بل وملزِمٌ لدول العالم كلها وبخاصة منها التي بادرت إلى قطع العلاقات مع هذا النظام السوري الذي بدأت تتقلص دوائر الإعتراف بشرعيته.
إن هناك قمة عربية أصبحت على الأبواب هي قمة الكويت التي من المفترض أن تنعقد في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من هذا الشهر ولعل أهم ما هو مطلوب من هذه القمة هو أنْ تعالج أوضاع الأشقاء السوريين الذين تقطعت بهم السبل وأن تترجم الإعتراف العربي الواسع النطاق بـ»الإئتلاف الوطني» إلى إجراءات عملية من بينها تسليمه مقعد سوريا في الجامعة العربية ومن بينها أيضاً تسليمه السفارات السورية كلها والإعتراف بكل الخدمات القنصلية التي تقدمها هذه السفارات إلى أبناء سوريا الذين أصبحوا كـ»مشردين» في أربع رياح الأرض.
ثم وإن الإجراء الذي لجأ إليه الأميركيون بإغلاق السفارة السورية في واشنطن الذي ألحقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتصريح قال فيه :»إنه لا يمكن التعامل مع دبلوماسيين عيَّنهم نظام فقد شرعيته» سوف تترتب عليه مستجدات كثيرة.. والواضح هنا أنَّ نظام بشار الأسد وأعوانه بقيامهم بما يقومون به من إستفزازات في إتجاهات متعددة قد أدركوا ما غدت تخبئه لهم الأيام القليلة المقبلة فلجأوا إلى الهروب إلى الأمام وإلى السعي لتوسيع دائرة اشتباكاتهم في هذه المنطقة.
لقد كان تقدير هذا النظام وأعوانه وفي مقدمتهم إيران أنَّ العالم سوف ينشغل بالأزمة الأوكرانية وأنهم سوف «يستفردون» بالشعب السوري وبالشعب اللبناني أيضاً وأنهم سيستغلون إنشغال العالم بهذه الأزمة ليحققوا مستجدات على الأرض لكنَّ ما يبدو أنه قد غاب عن أذهانهم أنَّ الولايات المتحدة ومعها معظم دول الإتحاد الأوروبي إن ليس كلها قد اعتبرت الأزمة السورية والأزمة الأوكرانية أزمة واحدة وهذا يعني أن الأيام المقبلة ستشهد «متغيرات» كثيرة سياسية وعسكرية وأن إغلاق السفارة السورية في واشنطن هو البداية.. وإن القادم سيكون أعظم.