أخر الأخبار
صقور الديبلوماسية الأردنية
صقور الديبلوماسية الأردنية

من بينهم معالي «قرابتي» السفير مكرم القيسي، الذي قدم قبل أيام خطابا قويا في منظمة اليونسكو، سلط الضوء فيه على قناعة جلالة الملك السياسية في موضوع مدينة القدس، بأنها مدينة للسلام وليست للحرب والاحتلال..ولا مدينة صراع وتطرف عقائدي وتعذيب وابتزاز سياسي.
لم يتحدث احد عن انجازات حكومية على صعيد العمل الديبلوماسي الخارجي، نسيان او تغاض وصل بكثيرين حدّ أن يفصلوا العمل الديبلوماسي عن عمل الحكومة، بينما أغلب التحديات التي تؤثر على الأردن ومصادر وأسباب أزماته خارجية، ويلزمه دوما عمل تفاوضي ديبلوماسي وجهود مضنية، لتوضيح المواقف الاردنية ولتفسير كثير من التحديات المحلية الناجمة عن أزمات ومواقف اقليمية أو دولية، بينما يغرق الأردن بنتائجها الأسوأ، على مختلف الصعد لا سيما السياسي والاقتصادي والأمني.
صندوق النقد مثلا؛ يجري مراجعات ويقدم تصوراته للحكومة الأردنية من أجل مساعدته في اتخاذ قرار اقتصادي يمكّن الأردن من تحقيق تقدم ملموس، ويقلل من الاقتراض ويتمكن من الوفاء بالتزاماته للجهات المقرضة والمانحة، فتبذل الحكومة جهودها من أجل تلطيف وأنسنة بعض توجهات البنك الدولي في هذا الصدد.
وكذلك نتحدث عن جهود حكومية ديبلوماسية في حقيقتها، تسعى الى استجلاب منح ومشاريع تنموية مدعومة من الخارج، لزيادة فرص التنمية والاستثمار وفرص تشغيل الشباب الأردنيين، علاوة على جهود ديبلوماسية تبذلها الحكومة على صعيد التعاون الدولي وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية... كلها مساع حكومية تنجح الى حدود ما لكنها لا تنال حديثا منصفا لا في وسائل الإعلام ولا في الحوار العام.

قد يقال عن هذه الجهود الحكومية بأنها (حمائمية)، لكن الجهد الصقوري هو ما تقدمه وزارة الخارجية في السنوات الأخيرة التي شهدت تطرفا إسرائيليا علنيا، أثر بشكل مباشر على علاقة الأردن بدولة الاحتلال الصهيوني، كما تبذل الدولة الصهيونية المحتلة جهودا غير معلنة على صعيد محاصرة الأردن والتأثير على دوره التاريخي المعروف تجاه فلسطين المحتلة وتجاه مختلف القضايا العربية، وما أخبار التحالفات العربية و(صفقاتها) بمخفية عن الرأي العام، فثمة جهود ديبلوماسية عدوانية كثيرة تهدف الى عزل الأردن عن محيطه وعمقه، تحاول ابتزازه واقصاءه عن المعادلة السياسية والأمنية في هذه المنطقة.
وبعد هذه الانتصارات الأردنية الديبلوماسية التي تحققت، يجب أن تبرز ملامح الخطاب الديبلوماسي الأردني بكل وضوح، وهذا ما نستنتجه من جهود وحوارات وتصريحات الخارجية الأردنية، التي يقدمها الوزير أيمن الصفدي، والتي يحرص فيها على أن يفهمها العالم الآخر جيدا، لا سيما ما تعلق بالصراع الأردني - الصهيوني على القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، حيث قدم سفيرنا لدى فرنسا مكرم القيسي خطابا صقوريا متناسقا مع لغة الديبلوماسية الملكية المتعلقة بالقدس وبالحرب على التطرف والارهاب «كله»، وما يتعلق بحق الاردن والعالم كله بالقدس باعتبارها مدينة سلام لأتباع الديانات السماوية الثلاث.
وعلى غير ما يقول السوداويون المشككون، فإن الأردن وعلاوة على ثباث مواقفه من مختلف القضايا المحتدمة في فلسطين والمنطقة والعالم، هو يملك فرصة ثمينة ليقدم خطابا ديبلوماسيا أكثر قوة وإقناعا لمجابهة الخطاب الصهيوني الذي تقدمه ديبلوماسية الاحتلال الاسرائيلي.
قد يبدو غريبا ان تجتمع صقورية الخطاب السياسي مع الديبلوماسية، لكنها تحدث وممكنة، حين يتخلى العالم عن الاخلاق والقانون الدولي وينحاز للمحتل والمجرم والمعتدي .. يلزمنا عندئذ خطاب «صقوري» حازم يستند الى الشرعية الدولية ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم.