قبل أن تبدأ الأحزاب الإسرائيلية حملاتها لخوض الانتخابات المبكرة الثالثة في غضون أقل من عام واحد، بدأ «سيناريو الانتخابات المبكرة الرابعة» يتردد في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، سيما بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي العام، أن نتائج انتخابات الثاني من آذار/مارس 2020، لن تنهي «استعصاء» تشكيل الحكومة، ولن تعطي أي حزب/ائتلاف، الغالبية الكافية (61 مقعداً) من مقاعد الكنيست الـ 23.
توجيه الاتهامات الجنائية الثلاث رسيماً لرئيس الليكود والحكومة وائتلاف اليمين – الحريديم، يضعف فرصه في الانتخابات المقبلة، ولا يتسبب في انهياره ... الليكود بزعامة نتنياهو قد يحصل على 31 مقعداً، مقابل 35 مقعداً لخصمه «أزرق – أبيض» ... كتلة اليمين – الحريديم، قد تحصل على 53 مقعداً نظير 59 مقعداً لكتل الوسط – اليسار والقائمة العربية ... ليبرمان، سيعاود لعب دور «بيضة القبّان» بمقاعده الثمانية المحتملة، تماماً مثلما كان عليه الحال بعد انتخابات أيلول/سبتمبر ونيسان/أبريل.
لكن الجديد الذي قد يقلب المعادلة، إنما يتمثل في حدوث واحد أو اكثر من المستجدات الهامة، من بينها: (1) أن يتغلب جدعون ساعر على بنيامين نتنياهو في انتخابات الليكود التمهيدية، وهذا محتمل وإن لم يكن مرجحاً ... (2) انفضاض أحزاب اليمين المتطرف – الحريديم عن نتنياهو، ورفضهم الالتزام بدعم ترشحيه لرئاسة الحكومة بأي ثمن وحتى النهاية، كما حصل في الأشهر القليلة الفائتة، ما يجعله مكشوفاً أمام محاولات خصومه إخراجه من اللعبة السياسية، لتفادي الذهاب إلى انتخابات رابعة، وهذا وارد ... (3) إقبال عربي أكثر كثافة على صناديق الاقتراع، في ظل ما هو متوقع من حملات انتخابات عنصرية سيخوضها اليمين ونتنياهو ضدهم وضد حقوقهم ومكتسباتهم، وهذا محتمل، وهذا يتطلب حملات انتخابية ذكية وكثيفة ومنسقة ...(4) نجاح المساعي الرامية لإقناع نتنياهو وخصومه على طي صفحة الحياة السياسية للأول، بقبوله التنحي نظير العفو، ومنحه العفو مقابل الخروج من الخريطة الحزبية الإسرائيلية نهائياً، وقد يكون هذا الخيار، الطلقة الأخيرة في جعبة الأطراف.
نتنياهو كالذئب الجريح يبحث عن المزيد من الضحايا ويتشمم رائحة دمائها، تجتاحه هستيريا «صراع البقاء»، يعرض على اليمين كل ما يمكنه ضمه ومصادرته من أراضي الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية المشروعة ... يوثق عرى نظام التمييز العنصري ضد فلسطيني – 48، يستحث أصدقائه في إدارة ترامب لفعل المستحيل لتسجيل اختراقات في مسار التطبيع مع دول عربية قريبة وبعيدة، ولو بغرض التقاط الصور ... يتهدد ويتوعد بحرب في الشمال وأخرى في الجنوب، وليس مستبعداً أن يرفع درجة حرارة المواجهة مع إيران في ساحات نفوذها الرئيسة الثلاث: العراق، سوريا ولبنان.
إسقاط «ملك إسرائيل» أمرٌ ذو دلالة رمزية وأخلاقية عالية، لا يتعين على أي فلسطيني، سيما داخل «الخط الأخضر»، التقليل من شأنه، أو الاستنكاف عن المساهمة في فعله ... لا يعني ذلك، ان الفلسطينيين مع ساعر أو بيني غانتس سيكونون أفضل حالاً... لكن «تدفيع الثمن» يجب أن يكون استراتيجية فلسطينية ثابتة، ضد كل من يناصبهم أشد أشكال العداء، عنصرية وإيلاماً ... نتنياهو واحدٌ من هؤلاء ... وكل صوت عربي سيلقى في صناديق الاقتراع، سوف يحدث أثراً، وإن توجه الفلسطينيون بأعداد كبيرة إلى مراكز الاقتراع، فمعنى ذلك أن كتلتهم ستزيد بمقعدين أو ثلاثة مقاعد، وستنقص كتلة اليمين والحريديم بالعدد ذاته والنسبة ذاته ... هذا أمرٌ ضروري، من دون إفراط في التفاؤل أو تفريط في تقدير الأثر المترتب على وجود قيادة عربية فاعلة في المجتمع العربي والكنيست وعلى الخريطة الحزبية سواء بسواء.