استحوذ الحديث الصحفي الذي أدلى به جلالة الملك عبد الله الثاني مؤخراً لصحيفة الحياة اللندنية، على اهتمام وانتباه المحللين السياسيين والإعلاميين والمفكرين، وكذلك مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحزبية الاردنية، وذلك لما تضمنه الحديث المطول من محاور محلية وإقليمية غاية في الأهمية، أكدت في مجملها ثوابت الدولة الاردنية تجاه القضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية والوضع الراهن في سوريا.
أضف الى ذلك ما اشتمل عليه الحديث الملكي من إعادة التأكيد على الثقة الملكية الراسخة بعملية الاصلاح التي تشهدها المملكة الاردنية الهاشمية، بما هي عملية شاملة لمختلف مناحي الحياة على طريق ترسيخ الاردن الديمقراطي والتعددي ليكون انموذجاً قابلاً للتعميم على باقي دول المنطقة.
عربياً،وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فان جلالة الملك بذل وما زال يبذل جهدا ً سياسياً ودبلوماسياً مكثفاً لكسر الجمود الذي تشهده عملية السلام، ويؤمن بضرورة وضع حد للنزاع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي وعلى أساس حل الدولتين الذي ينظر إليه جلالته على انه مفتاح الاستقرار في منطقتنا.
الى ذلك لم يغب الملف السوري الذي كان حاضراً بقوة على أجندة جلالة الملك الذي أعلن موقف الاردن الدائم والواضح فيما تشهده سوريا من أزمة مرّ عليها قرابة الثلاثة أعوام وهو موقف مبدئي راسخ ينطلق من قناعات ملكية بضرورة التوصل الى حل سلمي تتوقف معه عمليات القتل ونزف دماء أخواننا في سوريا الشقيقة، ناهيك عن موضوع اللاجئين السوريين الذين تحمل الاردن نتائج استضافتهم انطلاقاً من روابط الدين والتاريخ والإخوة، الامر الذي حتم ضرورة مطالبة المجتمع الدولي بتحرك عاجل لمساعدة الاردن ليواصل تقديم خدماته لمئات الالاف منهم.
القراءة المعمقة لمحاور حديث جلالة الملك تظهر جليا مدى حرص جلالته على تطوير العلاقات العربية العربية إذا ما أرادت الأمة مواجهة التحديات التي تواجهها بمزيد من العمل المشترك والتنسيق للوصول الى رؤية واحدة توافقية لمجابهة تلك الأخطار المحيطة بها من كل جانب.
محلياً كان حديث جلالته مناسبة لإعادة التأكيد على مسار خارطة الاصلاح السياسي التي ما انفك جلالته دوما يعيد التأكيد عليها ويزيل بذلك كل الشكوك حول خارطة الاصلاح السياسي ما يؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح وان المرحلة التي عبرها بلدنا بثقة اقتدار هي بمثابة محطة مشرقة في مسيرتنا الإصلاحية والتحديثية، تلك المسيرة التي تستهدف تحقيق الأفضل لوطننا الغالي وتوسيع آفاق الإنجاز والتقدم، ما يستوجب على كل واحد منا تحمل مسؤولياته إزاء دفع هذه المسيرة الى الأمام وبما تحمله هذه المسؤولية الوطنية من ضرورة مشاركة المواطنين في صنع القرارات التي تمس حياتهم ومطالبهم مباشرة وهي الدعوة التي دأب جلالة الملك على توجيهها لأبناء شعبه بأن ينخرطوا في ورشة الإصلاح والتحديث والتنمية التي قطعنا فيها شوطا مهما وانحزنا فيها الكثير.
ان مقابلة جلالة الملك قد أضاءت على جملة من مزايا وسمات المرحلة التي دخلها الأردن والتي تشكل استمرارا لعملية البناء والإصلاح والتحديث وخصوصا أنها مرحلة غاية في الأهمية وحافلة بالتحديات والاستحقاقات المطلوب إنجازها والتي تؤكد ان على الجميع إدراك حقيقة، ان مصلحة الوطن والمواطن هي فوق كل اعتبار وانه لا بد من العمل بتكاتف لتحقيق اكبر قدر من المصلحة العامة ومواجهة التحديات وتجاوزها بعزيمة ونجاح وثقة بالمستقبل الذي يريده جلالة الملك لهذا الوطن ولأبناء شعبه.