أخر الأخبار
انتقادات واسعة لقانون العقوبات القطري
انتقادات واسعة لقانون العقوبات القطري

الدوحة-الكاشف نيوز:أثار التعديل الأميري الأخير لقانون العقوبات القطري، و"تجريم" الحديث علانية في الشأن العام أو انتقاد مؤسسات الدولة سجالاً وانتقادات، إذ رأى أكاديميون وحقوقيون أنه "يناقض الدستور، وينتهك حقوق الإنسان، ويمنح سلطات البلاد فرصة للممارسات القمعية"، بل توقع آخرون أنه "تهيئة لأسوأ قادم".
وكانت صحيفة "الراية" القطرية نشرت في 17 يناير (كانون الثاني)، نصَّ القانون الرقم (2) لسنة 2020 والقاضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر عام 2004.
وقالت إن القانون الذي أصدره الأمير تميم بن حمد في 8 يناير، تضمّن "عقوبات رادعة لكلِّ من تناول بإحدى طرق العلانية في الداخل أو الخارج الشأنَ العام للدولة، أو أذاع أخباراً من شأنها إثارة الرأي العام، أو زعزعة الثقة في أداء مؤسسات الدولة أو القائمين عليها، أو الإضرار بالمصالح الوطنية، أو المساس بالنظام الاجتماعي أو العام للدولة".
وعلقت هيا زيادين من منظمة "هيومن رايس ووتش" إن قطر أعلنت تعديلات صادمة لقانون العقوبات، تقيّد في شكل كبير مساحة حرية التعبير.
الأسوأ آتٍ
وبعد نشر صحيفة "الراية" التعديلات بوقت قصير، خرج ناشطون قطريون على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أن هذا القانون المعدل "ما هو إلا تهيئة لأسوأ آت" في مجال تقييد الحريات.
وتنص المادة (136 مكررة) التي اعترض عليها الناشطون على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على 100 ألف ريال قطري (نحو 27464 دولاراً أمريكياً)، أو بإحدى هاتَين العقوبتَين، كلُّ من تناول بإحدى طرق العلانية في الداخل أو الخارج الشأنَ العام للدولة، أو أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة، وكان من شأن ذلك إثارة الرأي العام، أو زعزعة الثقة في أداء مؤسسات الدولة أو القائمين عليها، أو الإضرار بالمصالح الوطنية، أو المساس بالنظام الاجتماعي للدولة، أو المساس بالنظام العام للدولة".وتصيف: "تضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب".
تقييد للحريات
وفور تداول هذه التعديلات، أعرب حقوقيون وأكاديميون قطريون عن صدمتهم، من المادة "المقيدة للحريات".
ورأى أستاذ القانون الدستوري بكلية القانون جامعة قطر حسن السيد أن هناك خطأ في نص المادة، موضحاً عبر "تويتر" "ما أتوقع أن المشرع يصدر نهائياً مثل هذا التعديل على قانون العقوبات لانتهاكه الصريح للدستور ولجميع العهود والمواثيق الحقوقية! ثم ما هو مفهوم ‘الشأن العام‘؟ هل هناك خطأ مطبعي ويكون المقصود بـ(أو) في الأساس هو (و)؟".
يخالف الدستور
أيده في ذلك الأكاديمي بجامعة قطر ومدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية نايف بن نهار بالقول: "لو كان المقصود ‘و‘ فسيكون هذا التعديل مناسباً جداً. لكن لو فعلاً ثبت أن المقصود ‘أو‘ فهو مشكلة كبيرة لأنه أولاً يخالف الدستور والقانون الدولي مخالفة صريحة، وثانياً يناقض ما نراه في الواقع من توسيع دائرة الحريات".
وشدد الاستشاري القانوني وكاتب الرأي محمد فهد القحطاني على أن "حرية التعبير حق من حقوق الإنسان وليست منحة من السلطان"، مبرزاً أن "انتقاد مواطنين لبعض مؤسسات الدولة أو القائمين عليها لا يعدو أن يكون تصويتاً، والتصويت فيه نعم ولا، فإذا قال البعض لا فليس ذلك دليلاً على عدم الوطنية!".
تابوهات ثلاثة
ونبه الباحث والمحلل السياسي عبد العزيز الخاطر إلى أنه "لا يمكن الحديث عن رأي عام ما دام ليس هناك حرية تعبير ومجتمع مدني، حتى تصبح إثارته مجرمة. ما يوجد ليس سوى كتلة مُصمتة محاطة بالتابوهات الثلاثة: الدين والجنس والسياسة". وأضاف: "من أهم وظائف الرأي العام مشاركته في سن القوانين وإلغاؤها واستبعاده عن هذه الوظيفة يلغي وجوده الفاعل. لذلك فقرة ‘إثارة الرأي العام‘، في القانون تتكلم عن إثارة غائب لم يحضر بعد".
وقال:"نعاني كما تعاني دول الخليج الأخرى من الصياغة المكتبية للقوانين بأيادٍ ليست من أبناء الوطن. كان هذا في الماضي، وللأسف أعتقد أنه لا يزال".
يقتل الإبداع
أما الناشط أحمد بن سعيد الكواري، فقال إن "أي قانون يجرم حرية الرأي هو قانون يقتل الإبداع والتطور والتفكر، ويعارض الدستور والتشريع وحقوق الإنسان". ولفت إلى أن قوانين تجريم حرية الرأي تضر أكثر مما تفيد لأنها تدفع المواطنين إلى خلق حسابات وهمية للتعبير عن الرأي عبرها بدلاً من التعبير على الحسابات الشخصية "بشكل محسوب، لتفلت الأمور ولا تبقى حدود، وتتآكل الثقة (بين المواطن وحكومته)، وهذا ما يشجع التجسس والاختراقات".
وشكك الإعلامي القطري عبد العزيز آل إسحاق في القانون، مطالباً بتوضيح مصطلحات فضفاضة وردت في نصه مثل "الشأن العام، الرأي العام، دعاية مثيرة، زعزعة، مغرضة، المساس بالنظام"، ومبيّناً أنها "تحتمل التأويل وتستخدم بأكثر من شكل، وهذا لا يتناسب مع توجه الدولة ولا مع مساحة الحرية فيها".
القطيعة الخليجية
وفي نوع من التهكم، تداول ناشطون تصريحاً سابقاً لأمير قطر يعتبر فيه سبب القطيعة الخليجية "رغبة قطر في أن تسود حرية التعبير المنطقة".
وقال آخرون بسخرية: "آن الأوان لترك مواقع التواصل الاجتماعي والتوقف عن التغريد"، فيما تبرأ مواطنون من "أي رأي ورد في المنشورات السابقة"، تحاشياً لعقوبات محتملة بأثر رجعي.