طالما انها الحرب الباردة، وان دولاً يجري تقسيمها، والصراع على النفوذ يأخذ اشكالا متعددة، فلماذا اذن لم يرد في بيان قمة الكويت اي ذكر للوحدة العربية، ولماذا ذكر التضامن العربي على استحياء ؟ والى اي مدى رسخت القمة الواقع التاريخي والجغرافي والديني بين ابناء امة العرب ؟ ولربما التساؤل هو: لماذا القمة ولماذا الجامعة العربية اصلاً ؟؟
العالم يعود سريعا الى مرحلة القطبين . الغرب الاميركي والشرق الروسي . وسريعا ضمت روسيا القرم غير آبهة بتحذيرات و تهديدات الغرب ولا بمشاورات اوباما مع حلفائه الغربيين . وقبل القرم «ضمت» روسيا سوريا عمليا ومن دون اعلان . ولولا الموقف الروسي لرأينا لعبة الدومينو التي بدأت بزين العابدين تونس وقذافي ليبيا ومبارك مصر وعلي صالح اليمن، تتكرر مع بشار سوريا . لكن حسابات المتغيرات الدولية ومؤشرات الحرب الباردة وحرص موسكو على موطىئ بحر على البحر الابيض المتوسط قلبت موازين القوى لصالح النظام السوري وجعلته يصمد طيلة ثلاث سنوات من « الثورة « .وما مؤتمرات جنيف الا سطح البيت لكن الداخل من صنع روسيا واميركا فيما العالم يتفرج.
اما العرب فانهم يفركون ايديهم وعيونهم محاولين ان يروا الصورة بوضوح اكثر وللاسف كل ينظر من ناحيته والصورة فسيفسائية مهشمة كما وضع سوريا الآن .النظام وداعش والقاعدة واكثر من عشرين مذهبا و فصيلا و..ثورة ...فيما سوريا الدولة آيلة للتقسيم بعد التفتيت . وما اشتداد الاشتباكات على جبهة كسب واللاذقية الا محاولة ليكون للمعارضة ميناء على البحر لتسهيل وصول السلاح الذي سيؤدي الى مزيد من الدماء السورية والتسريع في التقسيم .لكن النار لن تتوقف عند كسب ولا حلب ولا درعا ولا ادلب.والذين يقرؤون التاريخ جيدا بعيون عربية يدركون ما الهدف من كل هذه الثورات . ويكفي نظرة واحدة الى المسجد الاقصى والاقتحامات اليومية المبرمجة والى خطوات الاعلان عن الدولة اليهودية والى وقاحة بنيامين نتنياهو وتحركات جون كيري المريبة ليعرف من في نفوسهم مرض اي داء يسهمون في تسميم الجسد العربي به !
انها اسوأ مرحلة يمر بها العرب .فالضغوط تتزايد على الدول التي تدرك ان العدو هو العدو الصهيوني فقط . وان الصراع ليس بين العرب والعرب على منطقة حدودية مصطنعة ولا سيادة على كرسي الحكم بل الصراع مع جسد مسمم غريب زرع في قلب الامة وتفشى منذ العام 1948 .
كان يجب ان تنهي القمة الخلافات العربية، ليست تلك الطارئة بل المستحكمة في سياسات متناقضة من الحرب الباردة وان يحدد العرب موقفا موحدا وان يجدوا مكانا آمنا على خريطة عالم جديد يتشكل الآن دون اي اعتبار لوجود امة عربية .
الصدق في السياسة نادر لكن الصدق مع الذات ضرورة . فالجامعة العربية تلعب دورا لا يختلف عن دور الامم المتحدة التي تأتمر بأمر الولايات المتحدة والغرب .
ان استمرار هذا الدور اشبه بشهادة المنتحر على موته .افضل كثيرا ان يتم حل الجامعة العربية وعدم عقد القمم طالما ان الكل يساق الى الهاوية فيما الذئب ينتظر الفريسة.