بدأت الحملات الانتخابية الإسرائيلية لخوض الانتخابات البرلمانية الثالثة هذا العام، مع تقديم القوائم الانتخابية للمرشحين في هذه الانتخابات، ومعها بدأت هذه الأحزاب والقوى والتحالفات في رسم معالم توجهاتها الهادفة للفوز وزيادة حصتها من مقاعد الكنيست الثالثة والعشرين، وبعكس الدورتين السابقتين لانتخابات الكنيست، حيث تم تكريس الحملات على نتنياهو، سواء لجهة توجيه لوائح اتهام ضده، او لجهة عجزه عن رسم سياسة تفضي الى حلول أمنية مع قطاع غزة وفشله في إدارة هذه السياسة مع حركة حماس. الحملة الحالية، يمكن ان نطلق عليها، حملة انتخابية مركزية «عربية» بامتياز من حيث تركيزها على جانبين عربيين، كانا مركز الانزياحات والمواقف والتحالفات لدى مختلف القوى المتصارعة للفوز في الانتخابات وتحقيق اكبر عدد من مقاعد الكنيست القادمة، إذ تمحورت اهتمامات وأولويات مختلف هذه القوى على عنوانين أساسيين، الأول يتمثل في الإعلان عن مواقف تنزع الى وعود جديدة بضم معظم مناطق الضفة الغربية، خاصة منطقة الغور بما فيها ما يسمى المنطقة «ج»، من ناحية، وكذلك، من خلال التعبير عن مواقف عنصرية متجددة إزاء انضمام عدة أحزاب وقوى وتحالفات الى الليكود وبشطب ترشح النائبة هبة يزبك من القائمة المشتركة في جولة الانتخابات القادمة في آذار المقبل.
فبعد وزير الحرب نفتالي بينيت، رئيس تحالف أحزاب اليمين المتطرف، الذي اعلن عن سلسلة خطوات جدية تهدف الى استباق اي حزب او سؤال آخر، بالإعلان الفعلي، وليس مجرد تصريح، بضم معظم مناطق الضفة، خاصة منطقة الأغوار الشمالية، ها هو رئيس كتلة «أزرق ـ أبيض» بيني غانتس، يصرح أنه سيعمل على ضم غور الأردن إلى إسرائيل بعد انتخابات الكنيست، باعتبار ان هذه المنطقة جزء لا يتجزأ مما أسماها «أرض إسرائيل»، وبذلك وضع غانتس حداً للخلافات داخل تكتله إزاء ضم الضفة الغربية، إذ ان «يعالون» وحزب «تيلم» يطالب بضم أحادي الجانب، يدعو حزب «ييش عتيد» بزعامة يائير لبيد بأن يتم هذا الضم بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
وعلى الفور، سارع نتنياهو إلى انتزاع هذا السبق الذي حاول غانتس الحصول عليه، عندما طالب الأول بعدم الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، إذ يجب فرض السيادة على غور الأردن «الآن» وبإجماع واسع في الكنيست، مضيفاً: أنتظر الرد على هذه الدعوة هذا المساء!
غانتس، ومن جديد، كان قد طالب إدارة ترامب، خلال الدورتين الانتخابيتين السابقتين، بعدم الإعلان عن صفقة القرن بكونها من وجهة نظره تصب لصالح فوز نتنياهو، فإنه يصرح هذه المرة بضرورة ان تقدم ادارة ترامب على نشر صفقة القرن الآن وانه «بانتظار نشر هذه الخطة».
وبحجة دعمها للإرهاب، أعلنت عدة أحزاب وقوى وتحالفات إسرائيلية أنها ستتقدم الى لجنة الانتخابات المركزية بطلب شطب المرشحة هبة يزبك، من القائمة المشتركة، وإذا كانت الأحزاب اليمينية بزعامة الليكود، تتزعم هذا الطلب، إلا ان التكتل الذي يدّعي انه حزب يسار ـ وسط، بانضمامه الى هذا الطلب، يكشف في الواقع عن هويته اليمينية دون أي غبار يغطي هذه الهوية التي تمكن من خلالها من تزييف مواقفه وسياسته، ورغم أن لجنة الانتخابات المركزية، كانت قد ردت هذه الطلبات في الدورة الانتخابية السابقة، إلا ان ذلك لم يمنع من جديد تكرار طلب «إسرائيل بيتنا» بزعامة ليبرمان، في تجديد حربه الشعواء، مع الأحزاب اليمينية الأخرى، لشطب يزبك ومنعها من الترشّح، وهكذا، فإن حزب «أزرق ـ أبيض»، حسب هذا الموقف، لن يأخذ بالاعتبار اي تكتيك لضمان دعم القائمة العربية المشتركة في المواجهة مع تكتل اليمين بزعامة نتنياهو، كما تقتضي ظروف وتداعيات نتائج الانتخابات المحتملة!