ُكتب وقبل الكثير في مجال تقييم النتائج التي أسفرت عنها القمة العربية الأخيرة في الكويت. وكان من الطبيعي والمتوقع أن تكون معظـم آراء المعلقين سلبية، وكأنهم كانوا يتوقعون اجتراح المعجزات وحل قضيتي فلسطين وسوريا.
تاريخياً لم تنجز مؤتمرات القمة السابقة ما يثير الإعجاب مع أن اكثرها عقد في ظل ظروف عربية أفضل من الظروف الراهنة، وليس هناك سبب لتنجح قمة الكويت فيما فشل فيه غيرها، وهي تنعقد في ظل خلافات عربية عميقة.
قمة الكويت مثل القمم العربية الأخرى، لها قيمة لمجرد انعقادها، فهي تكرس فكرة النظام العربي، وتقول للعالم إننا نختلف ونتفق، ولكنا أبناء أمة واحدة، كما تقول للشعوب العربية أن الحكومات تختلف وتتفق ولكن المصير العربي واحد مشترك.
أشارت القمة العربية في الكويت إلى حقيقة صارخة وهي ان النظام العربي جسم بدون راس، فليس له قائد من الحجم والقوة والإرادة بحيث يستطيع أن يقرر المسار ويقود التوجه العام.
قامت مصر بالدور القيادي لمدة طويلـة، حتى قبل عهد عبد الناصر، لسببين: بشري وجغرافي، فهي تضم أكبر ثقل سكاني عربي، وتتمتع بموقع مركزي بين المشرق العربي والمغرب العربي وأفريقيا والبحرين المتوسط والاحمر، وتمتلك قناة السويس وهي شريان التجارة للعالم بأسره.
مصر استقالت من دورها القيادي منذ أربعة عقود. ليس فقط بسبب انفرادها بالصلح مع إسرائيل التي أدت إلى عزلة عربية امتدت طويلاً، بل أيضاً بسبب تردي أوضاعها الاقتصادية والمالية، وحاجتها للدعم الأميركي والعربي، وما يلحقه من شروط.
أكدت قمة الكويت ما نعرفه من أن النظام العربي اليوم يفتقد القائد، فوجود القائد ضروري لمصلحة الجميع، والقائد الحق لا يفرض نفسه بل تأتي شرعية قيادته من القبول العام به.
مصر التي انشغلت بنفسها خلال السنوات الأخيرة، تتهيأ لاستعادة دورها، ليس فقط لأنها سوف تسعى لاستعادة دورها العربي، بل أيضاً لأن العرب يسعون لتأهيلها للقيادة، وعلى استعداد لدعمها، كما ظهر جلياً من الدعم الخليجي المالي السخي، فمصر تحتاج العرب بقدر ما يحتاج العرب مصر.
خارطة الطريق المصرية تسير قدمأً كما هو مخطط لها، وقد تستكمل بانتخابات رئاسية وبرلمانية خلال هذه السنة، ولكن خارطة الطريق المصرية بحاجة إلى التمديد باتجاه الدور المركزي في النظام العربي.