في الاعلان الذي قدمه الرئيس ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مثل بالنسبة له صفقة رابحة على الفلسطينيين استغلالها وعدم تفويت الفرصة عليهم، فالفرص قليلة جداً والافضل الاستفادة منها، لقد تحدث ترمب باعتباره رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم، وبالنيابة عن الشعب الفلسطيني وكأنه ممثل عنهم، وقد رسم ملامح خطة أسماها بالدولة الفلسطينية، وهي عبارة عن جزر صغيرة متفرقة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ستقام خلال أربع سنوات وبعد أن يكون الفلسطينيون قد اصبحوا مؤهلين لإدارة دولتهم!
ترمب ونتنياهو كل واحد منهما يحتاج إلى طوق نجاة لينقذ نفسه ويبقى متشبثا في منصبه، فترمب يواجه خطر عزله عن منصبه، ونتنياهو يواجه قضايا فساد وتلقي رشى، فكلاهما مازومان ويريدان تحقيق مكاسب سياسية لقطع الطريق على إجراءات محاكمتهما. إن توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة حتى يقول للداخل الإسرائيلي وللعالم أن أمريكا تدعم كل خطواته، وكي يخطب ود المجتمع الإسرائيلي ويحقق لهم حلم قيام دولة يهودية ويظهر بمظهر البطل الذي جلب النصر لإسرائيل ، وذلك بانتزاع تأييد ومباركة من الولايات المتحدة، أما ترمب فبخطته التي طرحها إنما يهدف إلى أن يستميل اللوبي اليهودي «ايباك» في الولايات المتحدة، وكي تساعده لوبيات الضغط الصهيونية على تجاوز أزماته المتراكمة، ويبقى في منصبه ويضمن أصوات الناخبين الأمريكيين، فيكسب جولة الانتخابات الرئاسية القادمة.
لم تدرك الإدارة الأمريكية الحالية، أو حتى الإدارات السابقة وربما القادمة، أن لا حل للسلام في المنطقة بمعزل عن الشعب الفلسطيني، فقرار حق تقرير المصير يعود للفلسطنيين وحدهم، ولا يمكن أن يتحقق الاستقرار في الشرق الأوسط مادامت القضية الفلسطينية عالقة من دون حل. لقد تصورت إدارة ترمب بقبولها على صفقة القرن والتي هي في الأساس صدمة للسلام والمنادين له ستضع المجتمع الدولي امام الأمر الواقع، وبالتهديد الذي وجهه ترمب لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، انما يكتب نهاية لاتفاقية أوسلو ويضرب بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية.
أما بالنسبة للجانب الفلسطيني فقد رفضت السلطة الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي وجميع الفصائل الفلسطينية، خطة ترمب واعتبروها ساقطة بمجرد الإعلان عنها ولا قيمة لها، في حين رفضت الأردن وعلى لسان وزارة الخارجية الأردنية ملامح تلك الخطة واعتبرتها إجراءات أحادية إسرائيلية تؤدي إلى تبعات خطيرة على المنطقة، وطالب أيضا الرئيس الفلسطيني أبو مازن إلى إجتماع عاجل للجامعة العربية ردا على خطة ترمب.
ختاماً: إن الادعاءات الإسرائيلية بحرصها على السلام وضمان حقوق الإنسان الفلسطيني في ارضه، ما هو إلا ذر للرماد في العيون، فما معنى أن يعتبر ترمب القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، ويغض الطرف عن حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه وحرمانه من قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الموحدة.