لم تجزم بعد منظمة الصحة العالمية القول بان فيروس كورونا الذي انتقل من الصين الى العديد من الدول حول العالم زاد عددها عن 20 دولة حتى الآن قد اصبح وباءا يهدد العالم، وترى فيه حتى اللحظة امكانية السيطرة عليه والحد من انتشاره، وقالت في الكثير من التصريحات ان مكافحة هذا الفيروس انما تعتمد على النظافة وان انتقاله من شخص الى اخر يجيئ من خلال الرذاذ على مسافة قصيرة بين شخصين، كما انه قاتل لمن هم من ذوي المناعة المتدنية، او من مرضى السرطان والمصابين بداء السكري وما شابه.
كل المعلومات السابقة لم تحد من انتشار الخوف من تداعيات هذا الفيروس الذي تصنفه معظم الدول بأنه خطير بسبب سرعة تفشيه وفتكه بالمصابين، وبالتالي كان حتما ان تبعات اقتصادية وخيمة قد تؤثر ليس فقط على اقتصادات دول بعينها انما على الاقتصاد العالمي بشكل كبير، خاصة وان مصدر الداء هو الصين ثاني اكبر اقتصاد في العالم، وذلك لعدة اسباب اهمها دورها العميق في سلسلة الامدادات العالمية وبالتالي تأثيرها على تراجع نمو الاقتصاد العالمي الذي قدره صندوق النقد الدولي بـ 0.1 نقطة مئوية، فيما تداعت دول العشرين لتبني سياسات لمواجهة تأثيرات هذا الفيروس السلبية على الاقتصاد العالمي، وكان هذا التجمع باستثناء الولايات المتحدة التي قللت من اهمية ارتدادات انتشاره.
وبالنظر الى الهلع العالمي بسبب تزايد اعداد المصابين بـ»كورونا» في دول عديدة حول العالم، فقد كان قطاع النقل الجوي العالمي الاكثر تأثرا حيث قامت عدة شركات طيران عالمية بوقف رحلاتها الى الصين والعكس صحيح، كما كان هناك اجراءات احترازية قامت بها الصين بان اغلقت مصانع وشركات ونفذت حجرا صحيا على موانئها التي تعد الاكبر والاكثر نشاطا حول العالم، وبالتالي قل الطلب على النفط الذي تراجع بشكل ملموس مع بدء تفشي المرض وبالطبع ما قابله من ارتفاع في اسعار الذهب عالميا مع تراجع في اسواق الاسهم العالمية، عدا عن التاثيرات السلبية لـ»كورونا» والتي القت بظلالها على قطاع السياح العالمي، اضافة الى وقف الطلبيات الجديدة من الصين من المواد الاولية او الاساسية او الاستهلاكية وعدم استقبال الطلبيات السابقة مما اثر على الاستهلاك العالمي، ومن المتوقع ان يكون البديل للمنتج الاولي او الاساسي الصيني اكثر تكلفة ما سينعكس حتما على الاسعار للمستهلك النهائي.
عدا عن ذلك فان اجراءات الحجر الصحي في المطارات للمشكوك باصابتهم بهذا المرض مكلفة للغاية، فقد قدرت منظمات صحية عالمية ان عملية الكشف عن المشكوك باصابته تصل الى مائة دولار للشخص الواحد، اي ان الدول التي ستقوم باجراءات احترازية لحماية نفسها من الاصابة بـ»كورونا» ستتكبد عشرات الملايين وهذا الامر في كثير من الدول العربية تحديدا والدول النامية ليس ممكنا وهو مرهق ماديا لها.
ان جملة التاثيرات لن تتوقف عند هذا الحد فمن المتوقع ان ترتفع حتى مع ايقاف انتشاره وبعده نظرا لحالة الهلع التي صاحبت هذا المرض والمبالغات احيانا بحسب وجهات نظر اخرى بتداعيات هذا الفيروس، ومن سيدفع الثمن هي الدول والمستهلكون.