تجاوزت خسائر اسواق الاسهم الامريكية والاوروبية خمسة تريليونات دولار، اما اسواق المعادن والطاقة فقد منيت بخسائر كبيرة حيث انخفضت اسعار النفط والمنتجات البترولية خلال الاسبوع الماضي لادنى مستوى لها منذ 30 شهرا، وقطاعات التجارة والخدمات خصوصا الطيران والسياحة خسرت بقوة، وسبب هذه الخسائر المتلاحقة جراء تداعيات فيروس كورونا الذي انطلق في ووهان الصينية وتفشى في 40 دولة حول العالم، علما بأن نسبة الوفيات في اكثر الدول معاناة لم تتجاوز 2 % تقريبا، مما يشير الى هشاشة الاقتصاد العالمي، وفقدان الثقة والتعاون بين المجتمع الدولي.
خسائر اسواق الاسهم والمنتجات المالية تطرح مجددا خسائر استثمارات دول الفائض المالي خصوصا في الدول النفطية التي توظف غالبية فوائضها وموجودات الصناديق السيادية، وما يجري في الاسواق يعيد الى الاذهان مجددا الخسائر الثقيلة التي منيت بها قبل 12 عاما عندما انفجرت الازمة المالية العالمية في الولايات المتحدة الامريكية وامتدت الى دول الاسواق الدولية كالنار في الهشيم وأهدرت مئات المليارات من الدولارات هي فوائض ومقدرات الشعوب.
عدم تغلغل كورونا وانعكاساتها على بعض الاقتصادات ومنها الاردن لا يعني اننا بمأمن منها وعلينا الاستعداد المبكر تلافيا للوقوع في تداعيات قد لا نستطيع مواجهتها، فالتحديات الاقتصادية والمالية كبيرة واية تحديات إضافية غير محسوبة قد تحملنا اكثر مما نطيق، وهذا ما حصل معنا في العام 2009/2008 بعد الازمة المالية العالمية والارتفاع الكبير لاسعار السلع الغذائية، وانهيار سوق الاسهم، لذلك الحكمة تستدعي التحوط مبكرا.
فخسائر العام 2020 لا زالت في بدايتها حيث تجاوزت الجغرافيا وبتفاوت القطاعات الاستثمارية، ومن المتوقع ان تتعمق الخسائر التي قد تتحول الى ازمة شديدة القسوة عالميا ربما تساهم في حروب من نوع جديد بين الكبار قد تسرع في تبديل خريطة القوى على المستوى الدولي، خصوصا وان الحرب التجارية التي شنها الرئيس ترمب وإدارته على المنافسين والاصدقاء قد تسرع في انهيار الاقتصاد العالمي، فبيوت الخبرة يتوقعون انزلاق مؤشرات اسواق الاسهم الامريكية دون حاجز 20 الف نقطة اي ستخسر ارباحا حققتها خلال السنوات القليلة الفائتة.
السبيل الوحيد امام الدول ذات الاقتصادات الصغيرة الاهتمام بالانتاج المحلي وزيادة الاعتماد على الذات وتقليص استهلاك السلع والمنتجات المستوردة، وربط المستوردات بالصادرات لتخفيف الاعباء على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية من جهة وإتاحة فرصة حقيقية للمنتجات الوطنية من جهة اخرى، فالدول القادرة على تلبية احتياجاتها محليا تستطيع الإفلات من الازمة المقبلة بأقل الخسائر، اما الدول التي لا تستطيع تعميق ممارسات الاعتماد على الذات ستكون الاكثر خسارة ومعاناة على المدى المتوسط وربما البعيد، وعلى الاغلب ستعرقل خطط النمو المستهدف.