انقرة - الكاشف نيوز : في الوقت الذي ينشغل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالتفكير في سبب تأخر واشنطن في تهنئته بالفوز بالانتخابات البلدية، تنشغل شركات استطلاع للرأي ومحللون في الإجابة على سؤال محير: لماذا لم تؤثر اتهامات الفساد على شعبية حكومة رجب طيب أردوغان؟ وكيف يصوت الناخب لحكومة تحجب مواقع التواصل الاجتماعي؟
الجواب جاء في استطلاع رأي أجربته شركة تركية لاستطلاع رأي الناخبين بعد الانتخابات، وسألتهم عن سبب التصويت لحزب ما دون غيره.
ووفق هذا الاستطلاع، فإن من صوت لحزب العدالة والتنمية وضع في عين الاعتبار الإنجازات البلدية التي حققها هذا الحزب سابقا والوعود الانتخابية الجديدة.
كما أشار الاستطلاع الى أن ناخب حزب العدالة والتنمية لم يهتم باتهامات التزوير التي لاحقت الحكومة، والتسجيلات المسربة التي تدعم تلك الاتهامات، بل "إن كثيرين منهم أكدوا على ضرورة دعم رئيس الوزراء ضد جماعة رجل الدين فتح الله غولن التي حاولت ابتزازه بتسجيلاتها المسربة".
ويقول طارهان إردام، المشرف على هذا الاستطلاع، إن الناخب الذي صوت لصالح الحكومة لم يعجبه الطريقة التي تم من خلالها "ابتزاز الحكومة بهذه التسجيلات لمسربة، خصوصا تلك التي ظهرت مؤخرا، وليس لها علاقة بتهم الفساد، وإنما تكشف عن فضائح أخلاقية وأسرار شخصية خاصة".
ويشير أردام إلى استطلاع سابق في شهر فبراير أظهر أن أكثر من 70 في المائة من الناخبين كانوا يميلون لتصديق الاتهامات بفساد الحكومة، قبل أن تظهر الأشرطة الخاصة الأخيرة، خصوصا التسجيل المتعلق باجتماع سري في وزارة الخارجية حول الأزمة السورية بحضور رئيس المخابرات هاكان فيدان، ووزير الخارجية أحمد داودأوغلو.
وجاء بث هذا التسجيل بنتيجة عكسية، إذ دفع كثير من الناخبين إلى تصديق حجة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بأن هناك "تنظيما جاسوسيا يهدد الأمن القومي لتركيا ويبتز الحكومة".
وعلى عكس التسجيلات الأخيرة، فإن تسجيل اجتماع الخارجية جاء في موقع جديد على الإنترنت، ولم تتبنه أي من مواقع التسريب المعروفة، ما دفع بعض الصحفيين الأتراك ودبلوماسيون غربيون للتساؤل عن احتمال أن تكون الحكومة هي من سرب هذا التسجيل لإحداث رد فعل عكسي لدى الشارع قبل يومين من الانتخابات.
وقال دبلوماسي غربي فضل عدم كشف اسمه: "إن التسجيل فيه الكثير للمراقب الأجنبي، لكنه لا يحمل جديدا لرجل الشارع التركي كي ينتقد عليه حكومته، وعليه فإن ردة الفعل كانتمتوقعة أن تكون على عملية التنصت وليس على محتوى الشريط الذي لم يصل إلى كثيرين بسبب حجب موقع يوتيوب الذي نشر فيه".
ويشير هذا الدبلوماسي إلى نقطة مثيرة ويقول: "إن صح أن الحكومة هي التي سربت هذا التسجيل، فإنها ستكون حركة ذكية، لأنها بذلك تكون ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ تكون قد غيرت مزاج الناخب في آخر لحظة، وأبطلت أثر التسجيلات المسربة السابقة، واعترفت بشكل غير مباشر وغير رسمي بكثير مما كانت تضطر لإخفائه عن العالم في دبلوماسيتها تجاه سوريا".