أخر الأخبار
42 % من الأردنيات “تعيسات”
42 % من الأردنيات “تعيسات”

عمان - الكاشف نيوز : تحديات وظروف كثيرة تواجه المرأة الأردنية تنعكس على نفسيتها ومقياس سعادتها ورضاها.

ففي تقرير أممي نشرته جمعية معهد النساء الأردني “تضامن” مؤخرا، يشير إلى أن 42 % نسبة النساء الأردنيات اللواتي لا يشعرن بالسعادة، مقابل 58 % منهن يشعرن بالسعادة في حياتهن. 

الثلاثينية حنان مبارك تجد أن ما يمارس على المرأة في المجتمع الأردني من “نظرة ذكورية ضيقة”، حتى في أبسط الأمور، يعد من “أهم الأمور التي تكدر صفو حياتها، وتجعلها تشعر بإحباط كبير”.

وتلفت إلى أن “عدم الشعور” بالاحترام والتقدير من قبل المجتمع، و”ثقافة العيب” المرتبطة بالمرأة دائما، “تشكل حاجزا حقيقيا أمام سعادة المرأة الحقيقية”.

أما الأربعينية هند عمارين فتؤكد أن الاستقرار النفسي والعاطفي للمرأة هو المفتاح الحقيقي لسعادتها، بغض النظر عن الوضع المادي، مؤكدة أن راحة البال، والتصالح مع الذات هو ما يجعل المرأة تشعر بسعادة حقيقية.

من جانبه يرى اختصاصي علم النفس، الدكتور موسى مطارنة، وفقا لخبرته واطلاعه في هذا المجال، أن ثمة العديد من الأسباب والتحديات التي تجعل المرأة الأردنية “غير سعيدة”.

ويرى مطارنة أن “تعاسة” المرأة الأردنية ليست مرتبطة بالأمور المادية، وإنما بـ”التصحر والجفاف العاطفي اللذين تعاني منهما في المجتمع الذكوري الذي لا يقر بحقوق المرأة، عملا بالتقاليد والثقافات التي ما تزال تهضم حق المرأة”.

ويستهجن مطارنة هضم المجتمع لحقوق النساء، وهو ما يتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية التي خاطبت الرجل والمرأة على حد سواء، ككائنين متساويين في الحقوق والواجبات، وهو ما يتنافى مع ثقافة المجتمع الذكوري الذي حوّل المرأة إلى جسد فقط، وهو ما جعلها تعاني نفسيا.

“المرأة الأردنية مهملة من الناحية الإنسانية والانفعالية”، وهو أمر يسبب لها القلق والتوتر، كما أن هذا الإهمال يعد سببا رئيسيا في ظهور العديد من الأمراض، كالضغط، والسكري، والقولون وآلام المعدة، وفق مطارنة.

الثقافة الذكورية، ونظرة المجتمع التي تتعامل مع المرأة دائما كـ “ضلع قاصر” هو ما يجعلها تشعر wبإحباط حقيقي، ويولد لديها مشاعر سلبية، هكذا تقول الأربعينية مها رشيد، مستهجنة تجاهل المجتمع للدين الذي كرّم المرأة ورفع شأنها.

المجتمع الذكوري “قتل” المرأة نفسيا ومعنويا، وجعلها غير سعيدة وفق مطارنة الذي يشدد على ضرورة إيجاد استراتيجية جديده تعيد للمرأة كيانها، وتشعرها بأهميتها وجمالية روحها.

وينوه مطارنة أن “المرأة الأردنية تشعر بمرارة نفسية كبيرة”، لافتا إلى أن ما تقوم به بعض النساء من تصرفات يعتبرها المجتمع غير لائقة ليست سوى ردة فعل طبيعية على طريقة تعامل هذا المجتمع الذي لم يحترم وجودها وكيانها وحاجاتها.

“90 % من النساء يعانين من كبت، وإهمال، وتجاهل من قبل المحيطين”، وهو ما ينعكس عليها بشكل كبير، ويؤثر على نفسيتها، ويسبب لها القلق والتوتر، والكثير من الأمراض الجسدية والنفسية.

في حين تجد الناشطة في حقوق المرأة أنعام العشا أن الرضا عن النفس والاطمئنان والأمانة والوظيفة والاستقرار المالي والحياة العائلية المستقرة من الأسباب المهمة في تحقيق سعادة المرأة الأردنية.

وتنوه العشا إلى وجود العديد من المنغصات والصعوبات التي تنغص على المرأة الأردنية حياتها، وتسبب لها الشعور بعدم السعادة، لاسيما عندما تفتقر إلى الشعور بالاستقلالية المالية، وإلى الزوج الذي يقدرها ويحترمها، وإلى الحياة العائلية المستقرة التي تشعرها بالطمأنينة والأمان.

“المرأة بطبيعتها حساسة”، وفق العشا التي تقول إن المنظومة الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، “غير متساهلة مع مطالبها واحتياجاتها، الأمر الذي يؤثر وبشكل كبير على نفسيتها”.

وتضيف أن “بعض العادات والتقاليد لا تسمح للمرأة بالعمل في المجالات كافة، الأمر الذي يؤثر على وضعها المالي، ويجعلها الأكثر فقرا وحاجة، والأقل مستوى، مقارنة بالرجل”.

بدوره يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الأسري، مفيد سرحان، على ضرورة أن تحصل المرأة على مالها، من حقوق أسرية وزوجية واجتماعية، حتى يتحقق لها الشعور بالسعادة والاطمئنان، لافتا إلى أن هناك معادلة بين حقوق المرأة وواجباتها يجب أن لا تختل.

ويضيف أنه لابد أن تشعر المرأة بأنها جزء مهم من الأسرة، سواء كانت أختا، أو زوجة أو بنتا، مبينا أن مستوى علاقة المرأة ضمن المجتمع، ومكانتها فيه هي التي تحدد إن كان لها دور، وهي التي تحدد مدى شعورها بالسعادة. 

ويجد سرحان أن ما تتعرض له النساء من عنف داخل الأسرة، أو في المجتمع، يسبب لها الشعور بالظلم أو الاستهداف، إلى جانب أن صورة المرأة السلبية في كثير من وسائل الإعلام تؤدي إلى شعورها بعدم السعادة.

وتعّرف السعادة، وفق سرحان، على أنها “شعور بالبهجة والاستمتاع، منصهرين معا”، ولا شك أن الشعور بالشيء أو الإحساس به هو أمر يتعدى، بل ويسمو على مجرد الخوض في تجربة تعكس ذلك الشعورعلى الشخص، وإنما هي حالة تجعل الشخص يحكم على حياته بأنها حياة جميلة ومستقرة، خالية من الآلام والضغوط على الأقل من وجهة نظر هذا الشخص”.

وتشير التقارير الدولية الى ضرورة معرفة أسباب السعادة والشقاء، للتمكن من قياسهما، إذ إن تحديد الملامح الرئيسية لحياة أي إنسان تعتمد وبشكل أساسي على جيناته الوراثية، وعلى كيفية تفاعلها مع المحيط الخارجي، فهي التي تشكل العوامل الشخصية التي تحدد مدى سعادة الإنسان أو شقائه. 

ويمثل الدخل، والعمل، والمجتمع، والحاكمية الرشيدة، والقيم، والدين، مجمل العوامل الخارجية التي تؤثر في سعادة الأفراد. في حين تتمثل العوامل الشخصية في الصحة النفسية، والصحة الجسدية، والعلاقات الأسرية، والتعليم، والنوع الاجتماعي، والعمر.