هناك بعض الأقلام التي لا تنفك عن بث سمها ولا تتوقف عن مهاجمة الأردن دولة وشعبا ونظاما وتحاول على الدوام النيل من الأردن والحط من كل ما هو أردني ثقافيا وسياسيا ومنهجيا. فبين الفينة والأخرى تطالعنا بعض الأسماء ذات الأقلام المسمومة والمحمومة والتي تضع السم بالدسم وعلى مبدأ كلمة حق يراد بها باطل, بكيل التهم والإفتراءات على الأردن وكأنه هو المسبب لإعصار تسونامي وكاترينا. والقائمة التي تضم هذه الأقلام ليست بالقصيرة. وأصحابها ما زالوا ينطلقون من تراكمات الحقد والكراهية التي استمكنت من نفوسهم وطبعتهم وصبغتهم بالألوان الباهتة التي تثير القرف وتحرك الإشمئزاز لدى من يدعونهم بـ 'المتعصبين'.من تلك الأسماء, يطالعنا المدعو د. لبيب قمحاوي بمقالة تهجمية افترائية مليئة بالمغالاة والمبالغة بالتزامن مع دعوته بمقالته لنبذ المغالاة والتعصب. كما تتزامن مقالته مع اليوم الأول من شهر نيسان وهو يوم ارتبط عالميا بما يسمى كذبة نيسان .April Foolوالمقالة منشورة بأكثر من موقع إلكتروني أردني منها موقع jo24.net. يصف كاتبنا الأردن بالدولة العميقة والدولة المخابراتية والدولة الأمنية, إذ يقول: ' فدور هذه المؤسسات مانع قاطع إن رَفَضَتْ، وداعم ومؤيد إن رَغِبَتْ . إن دور دائرة المخابرات العامة محوري وأساسي في تأييد سياسات معينة أو منعها بحجة تأثيرها على أمن الأردن ومصالحه.' ومن خلال هذا الوصف المبالغ به يبدو لنا أن صاحبه من المتأثرين بعالم تطبيقات الـفوتوشوب التي تسمح لهم بالتركيب والتزوير والتجميع وإظهار الصورة بالشكل الذي يريد. ربما نتفق مع الكاتب على بعض ما طرحه وهو حال جميع الدول الديموقراطي منها وغير الديموقراطي. وهذا بحد ذاته لا يعطينا المبرر لتكريس الإعوجاج. لكن أدوات الحكم في أي بلد لا تخلو مما هو مرفوض شعبيا. أليست الولايات المتحدة دولة عميقة وهي توجهها الصهيونية العالمية والمتصهينين من مختلف الجنسيات والأديان؟؟ وأيضا هذا لا يبرر لكائن من كان أن يشرعن وجود الدولة العميقة أو الأمنية. لكن هناك ما هو نسبة جرعته مقبولة بحكم الظروف والمعطيات مثلما هناك ما هو مرفوض وبشكل قاطع نتيجة الظروف أيضا.لكن عندما يأتي النقد بقصد الإصلاح والتقويم, فهو نقد موضع ترحيب وتقدير من قبل ' المتعصبين', أما عندما يكون النقد محركه الحقد والكراهية المستحكمة بالنفوس والقصد منه التقريع والتشنيع والتشهير, فهو نقد موضع رفض تام وازدراء واحتقار لمن يتبناه.المثقفون والمتابعون والمهتمون الأردنيون يعلمون يقينا أن هذا القمحاوي دائم التهجم على الأردن ولا يضمر الخير له وهذا ما دأب عليه بمقالاته التي يتجنى بها على الأردن وأهله جاعلا منه مشجبا يعلق عليه كل ما يحدث بالمنطقة من تقلبات وتنافرات سياسية. ففي مقالته المعنونة ' الأردن: دولة مخابرات أم دولة للمخابرات' يربط بأسلوب لا يخلو من الخبث بين النهج بالحكم (من خلال المخابرات) وبين مفهوم نقاء الدولة الذي تبنته ألمانيا ثم انتقل للصهاينة الذين اكتووا بناره. فيقول: ' إن مفهوم نقاء الدولة هو مفهوم عنصري نازي ابتدأ في ألمانيا النازية وامتد إلى الدولة الصهيونية التي تنادي الآن بيهودية الدولة.' وتلك مقاربة وإشارة من قبل الكاتب المرتجف وربط وتشبيه للحال بألمانيا أيام النازية وحال الدولة الصهيونية بالمناداة بالنقاء العرقي ورفض الآخر وهم العرب.بمعنى آخر, كاتبنا المرتجف يشبه الأردن بهاتين الدولتين (ألمانيا وإسرائيل) اللتان تدعوان للتطهير العرقي. وتلك مقارنة نفهم جذورها ومكنونها نحن 'المتعصبون' من خلال معرفتنا بهكذا نوع من المرتجفين الذين تتربص أقلامهم بالأردن أرض الرباط وشعبه الطيب المعطاء الحاضن لكل محتاجيه.ولنكن أكثر وضوحا, فهو يرمي من مقارنته هذه أن الأردن يمارس ما كانت تمارسه ألمانيا ضد اليهود وما تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين أي هناك نهج مبرمج ومدبر للتمييز بين الشرق أردني والأردني من أصل فلسطيني. والواقع الملموس يقول أننا نعيش بدولة نصف سكانها يتقاسمه اللاجئ والنازح والمتجنس والمقيم الفلسطيني والعراقي والسوري وغيرهم.ولنسأل الكاتب المرتجف ومن يلف لفه : إذا برأيك انقلبت السياسة كما يحلو لك وانعكس النهج كما تتمنى, هل سترحب أنت وأمثالك بذلك؟؟ أم أنك ستنبري بقلمك المسموم وعلى نهج شيخك وملهمك أحمد شاكر النابلسي ورفيقك مدير 'القدس العربي' بعمان لتقول أن الأردن يعمل على طمس القضية والتوطين وبيع الأرض والتجنيس وتفريغ الأرض من أصحابها؟؟ نعم لسان حالك يقول ذلك وكما عهدناك أنت ومن لا يعجبهم العجب ولا الصيام برجب.وحطك من ثقافة الأردنيين والمخابرات لا يغير من الحقيقة شيئا, إذ الشعب الأردني هو من حمى وطنه بالملمات والتاريخ شاهد على صلابة وانتماء الأردني 'المتعصب' عندما يتعلق الأمر بالوطن والدفاع والذود عنه. أما المخابرات الأردنية التي يشهد لها القاصي والداني باحترافيتها ومهنيتها واقتدارها على الإحاطة والتحوط لهي المؤسسة الأمنية التي نفاخر بها وتفاخر بنا وهي التي جنبت الأردن الكثير مما يحاك ضده من مؤامرات ومكائد رغم تحفظنا على بعض الأمور والقضايا التي تتطلب معالجة حاسمة وسريعة.وإذا كان دفاعي عن وطني وتفاخري بأردنيتي والتصدي لمن يتعرض للأردن بسوء سيجعلني من المصنفين عند لبيب القمحاوي بالمتعصب, فلا ضير في ذلك. فتعصبنا محمود لأنه للوطن ومشروع لأنه من حق الوطن على أبنائه. والإزدواجية لا تتفق مع نهجنا وعقيدتنا الوطنية ولا نتزلف للوصول ولا نتملق للإرتقاء ولا ننافق لنيل الرضا لأننا لا نطلب سوى رضا الله. منطلقنا حب الوطن الأردن مثلما أنت تحب فلسطين والسوري يحب سوريا وهكذا..... فلماذا تنكر علينا حبنا للأردن؟؟ هل حب الأوطان أيها اللبيب حكر على قوم دون قوم؟؟لقد أساء هذا المدعو لبيبا وهو من اسمه براء للأردن وغياراه وهو مطالب بالإعتذار من الدولة الأردنية ومن الشعب الذي وصفه بالمتعصب وصدق به قول الشاعر أبو الطيب المتنبي:إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كاملحمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد