أخر الأخبار
كيف سيكون العالم ما بعد كورونا ؟!
كيف سيكون العالم ما بعد كورونا ؟!

فايروس كورونا عابر للدول والقارات فخلال أسابيع قليلة فرض سيطرته على الكرة الارضية، لم تستطع دولة أن تنجو من تهديده ومخاطره رغم كل الإجراءات الوقائية المتخذة على مستوى منظمة الصحة العالمية وعلى مستوى كافة الدول، فقد مثل التهديد الأكبر للصحة العامة بعد أن اصاب اكثر من مليون شخص وخلف اكثر من خمسين الف وفاة  لغاية الآن، لقد تداعت انظمة صحية لكثير من الدول كما تداعى اقتصادها امام ضرباته الموجعة.. 

فالخسائر البشرية والاقتصادية ستخلف اوضاعا كارثية على مستوى الكثير من دول العالم، مخلفا ازمة حادة لن تكون مجرد ازمة عابرة، بل ازمة ستدعو لإعادة النظر في كثير من نواحي الحياة على مستوى الأفراد والجماعات والدول، وستدفع لإعادة النظر في كثير من المفاهيم  والمصطلحات والقوانين الداخلية والدولية التي سادت في العقود بل في القرون السالفة، لقد كشفت هذه الازمة عورة النظام الدولي السائد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وما طرأ عليه من تحديثات لم تكن قادرة على الصمود امام جائحة الوباء، لقد انكشفت الازمة الاخلاقية التي تعتري النظام الرأسمالي المسيطر والذي ثبت أنه لا يهمه سوى مراكمة الثروة في يد اقلية من الدول وفي يد اقلية من الافراد داخل كل دولة من هذه الدول التي طالما تغنت بنظامها الرأسمالي القائم على حرية السوق  والمبادرة الفردية والحرية الشخصية، كشفت خرافة حقوق الإنسان وادعاءاتها انها تعمل لحمايتها وصونها بعدما سقطت انظمتها الصحية وبعدما اختارت بمحض ارادتها الاقتصاد والثروة وتركت صحة وحياة الإنسان فريسة لاجتياح الوباء.. 

لقد اثبتت النظم الشمولية مثل الصين والاتحاد الروسي ودولة صغيرة مثل كوبا ودول اخرى من دول العالم الثالث وفي مقدمتهن الدول العربية أنها أكثر تفوقا في مجال حماية الإنسان والصحة العامة والعمل على رعايتها والتي اثبت الواقع أن مواجهتها للوباء قد ارتكزت أولا واخيرا على توفير الأمن بكل أشكاله للمواطن وفي مقدمته الأمن الصحي وكانت اكثر نجاحا من غيرها في هذه المواجهة من الدول التي تدعى الديمقراطية الليبرالية..!

لقد اثبتت هذه الجائحة العالمية للكورونا أن بني الإنسان جميعهم شركاء في كوكب الأرض لا فرق بين جنس وآخر أو لون وآخر، وبالتالي فإن الرفاه والأمن العالمي كلٌ لا يتجزأ.. أمام هكذا اخطار تحدق بالكوكب وبالإنسانية، إن المفاهيم الشوفانية الضيقة والفاشية والعنصرية مثل الفكر الصهيوني الذي نما واحتمى بتواطؤ مع الغرب الرأسمالي الليبرالي، يجب أن تتراجع وأن تختفي هذه المفاهيم والثقافات من عالم ما بعد الكورونا والتي استمرت بشكل أو بآخر وإن ارتدت في كثير من الاحيان اغطية واقنعة ليبرالية وديمقراطية، إلا انها هي المسؤولة بشكل مباشر عن استمرار كثير من الحروب التي شهدها العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية ومنها الصراع العربي الصهيوني.

يجب أن يولد نظام دولي جديد أكثر عدلا وانصافا للإنسانية جمعاء على اساس اعلاء القيم الإنسانية وان يكون الإنسان غايته وهدفه وليس الاستحواذ على الثروة والسيطرة على الآخر ونهبه وشن الحروب من الاقوياء على الضعفاء.

عالم خالٍ من الحروب والفقر والمرض.. هذا ما يتمناه الأسوياء من البشر المتحررين من كافة الافكار والثقافات العنصرية والفاشية والقائمة على الكراهية بين الدول وبين البشر، عالم يسوده التعاون فيما يحقق الأمن والرفاه والصحة للجميع.

على مثقفي وفلاسفة العصر أن يبدعوا فكرا انسانيا جديدا جامعا وموحدا للبشرية في مواجهة الكوارث والفقر والمرض بعدما احيت جائحة الكورونا الشعور الإنساني الجمعي، فالعالم ما بعد الكورونا لن يكون كما هو قبلها.