أوقفت جائحة كورونا مظاهر الاحتجاج الشعبي في العراق ولبنان والجزائر، إذ تغيرت الظروف، وجاءت موجة كاسحة من المرض اعاقت جهود الجمهور وعطلته، ومع ذلك بقيت الحروب مستمرة في ليبيا واليمن، وبقي التوتر مستمرا في ظل هذه الظروف العالمية التي هي أشبه بنكسة عالمية.
وبين ما تنمّ عنه حركة التغيير الجارية من نوع الاغراض الوطنية الخاصة بكل بلد، فإن الكلام الجاري عن مناقشة قوانين الدفاع واتساعها، أو خرقها من قبل رجال وقادة ونواب وأناس عاديين، يبدو أمراً في غاية الانتباه لكيفية تحرك الرأي العام الأردني، وكيفية التعامل مع اليومي والراهن في الإعلام الأردني سواء كان مجتمعياً او مهنيا مستقلا أو غيره.
تنهض الجروبات الكثيرة عبر الواتس أب بتفسير الاجراءات وقراءات السيناريوهات المقترحة، وتطفوا اجتهادات، وآراء بشكل سريع، من أهل الحل والعقد، نعايش اليوم بيوم، وتقف البلد على اخبار من يخرقون القانون، او يتجاوزون عليه، لكن في ذات الوقت هناك آلاف من قصص النجاح الأردنية التي تتشكل وينهض بها موظفون واطباء ورجال أمن وربات بيوت وأباء واساتذة جامعات ومدارس.
لم تكن الكورونا صاحبة السبق في الدفق الإعلامي الأردني، بل إن تفاعل الاردنيين قياسي وكبير مع شبكات التواصل منذ زمن، وبينما تصدر الأخبار الرسمية بما يفيد محاسبة من اخترق القانون، يظهر الخارقون للقانون في فيديوهات مرسلة لجماعات مختلفة يفسرون ما قاموا به من بيوتهم، وأن ما حصل وما روج له غير صحيح، هؤلاء يرسمون لانفسهم بطوله على أشلاء القانون.
حتى اليوم، يبدو أننا نعيش بين إرثين، إرث الدولية المستطاع فيها كل شيء ما دام الفرد مسنودا وواصلا، وإرث التحديث القائل بوجوب تطبيق القانون والعدالة على الجميع، ولا احد فوق القانون، وللأسف، هناك من يعتقد أنه فوق القانون، البعيد عن إرث الزعامة والوجاهة المحترمة، ومؤخراً قفز محدثو النعمة ليخرقوا بمالهم كل شيء وليفسدوا كل نهارنا السياسي.
النفوذ لا يأتي بالشهادات العلمية، ولا بالخبرة الطويلة في قطاع الدولة العام او عبر مهنة التعليم، للأسف النفوذ والهيبة باتت مصروفة في زمن ربيع كورونا لذوات من كرتون، في هذا الزمن الكورني، فيسمح البعض لانفسهم بالخروج والتنظير على الناس وإسداء النصح وهم أكثر الناس خروجا على القانون.
كلّ هذا يحدث في ظلّ انشغال كل المجتمعات التي كانت تشهد احتجاجات شعبية، نوعاً من الالتزام بخط المواجهة ضد كورونا باعتبارها العدو الأول، وليس الإصلاح السياسي أو اجراء الانتخابات، وهذه الأخيرة في الأردن، إذا ما أضيفت كلفتها لكلفة كورونا فإن التحديات المالية ستزداد، ويدخل المجمتع والدولة في زمن اقتصادي صعب التفت جلالة الملك إلى خطورته وحذر منه.