اختبار كورونا. فمن نجح ومن اخفق؟ لربما هي اسئلة كثيرة أردنيا خلفتها محنة ازمة الفايروس المستجد. كثيرون اختفوا في لحظة من أشد اللحظات عسرا على البلاد والعباد. سقط كثير من طبقة «اهل المال والثورة « من عديمي الضمير، وجافي المشاعر والإحساس.
الدولة لا تستجدي منة وعطفا من أحد مهما يكن، ومهما اعتلى شأنه وقدره في عالم المال والبزنس . الحلول الخيرية المقدمة حتى الان هي غرائزية لارضاء ضمائر المتبرعين،ولاخماد الجور الطبقي، ونقمة الاردنيين من أهل المال « الاغنياء «.
ما لا يبحث الان في حل اقتصادي لازمة كورونا الكارثية. ومواجهة تداعي كورونا الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي لابد ان يكون في قرارات اقتصادية رديكالية من خارج «الصندوق العادي»، ولأن الازمة ليست عادية، ولا مكان وموضع للمجاملات والطبطبة على حساب البلاد والعباد.
لا ينتظر الاردن دولة وشعبا بركة من أحد، وأعيد تكرار العبارة. ويمكن الاستعاضة عن سيناريوهات عمل الخير والحلول التبرعية الخيرية للاثرياء باقرار ضريبة استثنائية على اموال الاغنياء ورجال الاعمال والودائع المليونية. ضرائب ستحصد مئات الملايين دون انتظار ان يهتز ضمير فلان وعلان.
طبقة من أهل المال والثروة سقطت في اختبار كورونا. أغنياء وضعوا اعناقهم في التراب. ورأسمال بدا غير منحاز الا لحماية تكسده في خزائن الثروات، وسمعنا شتائم على شاشات التلفزيون والاذاعات بحق موظفين وعمال لمجرد انهم طالبوا برواتبهم، وهذا أبسط حقوق الانسان لكي يعيش، ولا اعتقد ان ثمة شركة خاصة في قطاع التعليم والصحة تحديدا عاجزة عن الاستمرار في دفع رواتب موظفيها في غمرة ازمة كورونا، فكم جنيتم من ارباح وارباح مليونية !
التباكي على ازمة قطاعات وتضررها الفادح غير واقعية ولا منطقية. والتباكي ايضا على قداسة قيم رأسمال والسوق الحر والاقتصاد الحر ايضا ليس الان وقتها،وما عادت صالحة حتى في الدول الكبرى أم الرأسمالية والليبرالية في العالم الغربي، امريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا.
كلنا في سفينة واحدة، من الكبير الى الصغير. والمصلحة العامة أولية الوطنية تقتضي التعاون والتعاضد والتشارك الاجتماعي. حماية التوازن الاجتماعي والمعيشي للاردنيين مصلحة وطنية عليا، تحمي الاقتصاد وتحافظ على ديمومة الانتاج، وتحمي المجتمع من الانفجار.
في الاردن طبقة تنفق سنويا مئة مليون دينار على فاتورة المكياج والعطور والسيجار المستورد. وتنفق ايضا اكثر من نصف مليار على الاستجمام والسفر والترفية والسياحة العلاجية خارج الاردن، فأين هم من الازمة ؟
كورونا اكدت أن الدولة الاردنية قوية. وان القطاع العام « بيروقراط « عصب الدولة. وان من « اهل المال والثروة « عند اول منطعف لازمة وكارثة وطارئ ما يهربون ويختفون ويدسون رؤوسهم في الرمل.
الجيش والامن والكوادر الطبية هم الابطال، وهم الناجحون في اختبار كورونا اردنيا. وعلموا الجميع درسا في السياسة والوطنية والاخلاق. لربما ان هناك طبقة بدأت تنزعج من المشهد الوطني الاردني، وحالة الوفاق والالتئام الشعبي مع الدولة واجهزتها،والالتفاف الصاخب والعفوي والفطري حول القيادة الوطنية الاردنية.