ـكلما أنـبـت الـزمان قناة * * * ركـّب الـمـرء فى القناة سنانا، هذا البيت لابي الطيب المتنبي يلخص المشهد العالمي لانهيار اسعار النفط وبلوغ خام القياس الامريكي وهو من افضل النفوط في العالم دون الصفر اي كان المطروح امس ان تشتري عشرات الملايين من البراميل وتحصل معها على مئات الملايين من الدولارات، وهذه حالة فريدة لم تسجل منذ ان عرفت البشرية النفط الذي يوصف بأنه شريان الصناعة الحديثة، فالنفط طاقة مباشرة ومدخل رئيسي من مدخلات مئات المنتجات الصناعية حول العالم، فما الذي حصل في يوم الاثنين الاسود بالنسبة لصناعة النفط العالمية؟.
1- أدت جائحة فيروس كوفيد 19 الى تخفيض الطلب العالمي للنفط خصوصا بعد ان ضرب ووهان الصينية بقوة ثم انتشر تدريجيا وبوتائر سريعة الى دول العالم واستحكم في اوروبا ثم الى الولايات المتحدة، ووصل الى 189 دولة، فالخسائر باهظة في الدول الاكثر تقدما وإنتاجا مع دخول العالم في سياسة الحجر المنزلي وتوقف شبه كلي لحركة النقل الجوي والبري والسياحة وتباطؤ الصناعات والخدمات، مما ادى الى انخفاض الطلب العالمي على النفط بمعدل 30 مليون ب/ ي من اصل الاستهلاك العالمي المقدر بـ 90 مليون ب /ي، وهذا بدوره لاول مرة يضغط على اسعار النفط إذ انخفض دون 50 دولارا للبرميل.
2- كبار منتجي النفط في العالم وتحديدا السعودية وروسيا لم يتوافقا على خفض الانتاج للدفاع الاسعار، وشنت الرياض حرب اسعار ورفعت الانتاج الى مستويات قريبة من 13 مليون ب/ ي، وعمدت روسيا الى الدفاع عن حصتها السوقية مما اشعل حرب اسعار ضارية اطاحت بالاسعار وسط ترحيب الإدارة الامريكية وقال الرئيس ترمب في حينه انه سيعزز الاحتياطي الاستراتيجي من النفط الخام، الا ان الانتاج اغرق الاسواق العالمية ومخزونات امريكا، وبلغ الفائض النفطي المخزن في صهاريج عائمة وناقلات عملاقة للنفط قرابة 160 مليون برميل، اي لم يعد ممكنا ضخ المزيد من النفط الخام مع ميل ارتفاع اجور النقل والتأمين البحري على ناقلات النفط، وبصورة أدق ..وصل التصادم الى الذروة في ظل عجز الاسواق عن استيعاب المزيد من الانتاج.
3- انفجرت ازمة خام القياس الامريكي امس مع اقتراب تاريخ اجل عقود نفطية سابقة الذي تم صباح اليوم 21/4/2020، وكان المتاح.. اما تسلم المضاربين للنفط او تجديد عقوده لشهرين مقبلين وعليهم ان يسددوا الفرق بمليارات الدولارات او بيع او تصفية عقودهم بأي سعر وكان الخيار الاخير المتاح ونتج عنه جائحة خام القياس الامريكي اذا جاز التعبير، واشترت الحكومة الامريكية 70 مليون برميل بسعر بخس وربما حصلت على اموال فوق ذلك.
جائحة كورونا التي انبتها الزمان.. جاء المنتج والمصدر النفطي وركب لها سنانا..وببساطة الحل فقط بالتوافق على إنتاج لا يزيد عن الطلب العالمي على النفط.