ليست مصادفة على الإطلاق أن تتصاعد الأعمال الإرهابية في مصر مع الإعلان عن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية والتي ستجرى في السادس والعشرين والسابع والعشرين من أيار القادم، ومع بدء الترشح لهذه الانتخابات والتي من ابرز المتقدمين لخوضها هما وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، وحمدين الصباحي رئيس التيار الشعبي الناصري.
الربط بين الانتخابات الرئاسية التي تعد الخطوة الأولى في خارطة الطريق للعملية الديمقراطية - الانتخابية من جهة وبين والإرهاب المتصاعد من جهة أخرى، يؤشر بوضوح على طبيعة الأجندة للجهات التي تقف وراء الأعمال الإرهابية الخطيرة التي أخذت تضرب مصر في الفترة الأخيرة، وفي تقديري إن ابرز أهداف هذا الإرهاب الأعمى هو منع أو تخريب العملية السياسية والديمقراطية في مصر أو على الأقل زيادة كلف التمسك بها، ومحاولة تنفيذها على ارض الواقع، وهو بالنسبة للجهات المعادية للدولة المصرية ولإرادة الشعب المصري، هدف معلن وليس سرا، فالهدف ليس منع وصول السيسي للرئاسة بل الهدف الأبعد هو منع وصول رئيس لمصر وإبقاء الوضع المؤقت كوضع دائم أو إجبار الجيش المصري على إعلان حالة الطوارئ وإدخال البلد في حالة من الاحتقان والتوتر الى اجل غير مسمى وإلغاء صفة الدولة المدنية لمصر.
كما أن الهدف الثاني من وراء هذا الإرهاب في حال جرت الانتخابات الرئاسية هو منع إجراء الانتخابات البرلمانية وهو هدف ضروري أيضا « من اجل كرسحة « العملية السياسية وتعطيل خارطة الطريق التى رسمت ثورة 30 يونيو ملامحها الأساسية.
اما الهدف الثالث للإرهاب المتصاعد في مصر في حال تم إجراء الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية، هو جعل موضوع الأمن ومواجهة الإرهاب هو الهدف والأولوية المتقدمة عن كل الأولويات الأخرى في بلد مثل مصر يعد فيه التحدي الاقتصادي ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة للمواطن المصري هو الأمر الأهم في الأوضاع الطبيعية.
فالإرهاب المنظم الذي بدأ يطل برأسه على الساحة المصرية يريد للرئاسة الثالثة بعد ثورة يناير أن تغرق في وحل عدم الاستقرار، وان تدخل حرب استنزاف طويلة مكلفة مع الإرهاب وأدواته، وهو مخطط هدفه الاستراتيجي ضرب الاستقرار داخل الدولة المصرية وإشاعة الفوضى تمهيدا لإدخال مصر « عالم الدول الفاشلة لا سمح الله « مثل الصومال والعراق وسوريا.
يصعُب القبول بالنظرية التي ترى أن الإرهاب في مصر تقف وراءه تنظيمات جديدة النشأة، أو بعض الجماعات المتطرفة دينيا، فحجم هذا الإرهاب ونوعية الأدوات المستخدمة فيه ودقة الوصول إلى الأهداف المطلوبة وتوزعه جغرافيا بين سيناء والقاهرة والمدن الأخرى يدلل بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الإرهاب وان كانت أدواته أو بعضها مصريا إلا أن من يقف وراءه هي أجهزة استخبارات لدول ذات خبرة في هذا النوع من الحروب القذرة، وأو دول تملك المال وتلجأ إلى عصابات إرهابية دولية متخصصة في هكذا أعمال.
وعلى ارض الواقع بات تخريب امن واستقرار مصر هدفا شبه معلن من عدة دول كبرى في الإقليم، فالإجهاز على استقرار مصر وإضعاف الدولة فيها يصب تلقائيا في مصلحة هذه الدول ويزيد من النفوذ الإقليمي لها، بعد ان شكلت مصر تاريخيا سدا منيعا في وجهها، ففي نظر هذه القوى الإقليمية يشكل إبعاد مصر عن دورها القومي وحتى دورها في علاج مشكلاتها الوطنية أرباحا مهمة ونوعية لهذه القوى.