كشف دارة الملك عبد العزيز في الرياض مؤخراً، وهي من أرفع المؤسسات العربية التوثيقية بعامة والخليجية خاصة، عن عدد من السنوات التي تعطل بها الحج عبر التاريخ عديدة ووصلت لنحو (40) سنة لاسباب عديدة، منها ما هو جراء أوبئة مثل الطاعون والتوفئيد، ومنها ما هو جراء سيول، ومنها ما هو نتيجة الصراعات السياسية بين الدول والقوى السياسية المتحاربة عبر التاريخ الإسلامي، كما حدث عام251هـ/ 865 م، حين أُبُطل الحج بعد أن شهد مذبحة على صعيد عرفة، آنذاك هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي هو ومن معه الحجاج فقتلوا أعدادا كبيرة منهم.
وفي عام318هـ/ 930م، شهدت مكة هجوما للحركة القرمطية بقيادة أبو طاهر القرمطي الذي كان يتخذ من البحرين مقراً لدولته، فسرقوا الحجر الأسود وغاب 22 عاما، وحاولوا سرقة مقام ابراهيم ولكن سدنة الحرم اخفوه، وبلغ قتلى القرمطي بمكة اكثر من ثلاثين ألفا دفنوا فى مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة، وجمع القرامطة 3 آلاف جثة لحجاج، وطمروا بها بئر زمزم ودمروه بالكلية، وكان القرامطة لا يؤمنون بالحج.
وفي عام 372هـ/983م قيل إنه لم يحج أحد من العراق بسبب الفتن والخلافات بين خلفاء بني العباس وخلفاء بني عبيد قادة الدولة الفاطمية. وفي عام هـ 1213هـ/1798م توقفت رحلة الحج وقافلته من شمال افريقيا ومصر أثناء الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرتية، وكثيرا ما تعذر وصول قافلة الحج الشامي او عودتها سالمة بفعل اعتداءات البدو المتكررة عليها في المنطقة الممتدة من شمال المدينة المنورة وحتى نصيب جنوبي دمشق، وكذلك الحال كانت القبائل البدوية بين ومكة والمدينة تهاجم القوافل، ممّا كان يؤثر سلباً على الحج ورحلته.
وفي سنة 650هـ/ 1253م، عاد أهل بغداد للحج بعد توقف دام 10 سنوات بعد وفاة الخليفة المستنصر بالله وكانت سنة 656هـ 1258م مشابهة حين هاجم المغول بغداد. وفي سنة 1229هـ/ 1814م مات نحو 8000 شخص في الحجاز بسبب الطاعون، فتوقف الحج. وبعد أعوام ثلاثة انتشر وباء قاتل بموسم الحج مصدره كان من الهند وكان ذلك سنة 1831م، ومات بسببه كثير من الحجاج.
وفي عام 1858م (أي عام 1279 هـ) انتشر وباء قاتل، الكثير من الحجازيين يفرون إلى مصر خوفًا من الموت، وتم إقامة حجر صحي حينها في بئر عدن لانقاذ الحالات ومنع المرض من التفشي واستمرت الأوبئة تضرب مكة حتى عام 1871م، ومن أبرز الأوبئة التي انتشرت كان التيفوئد، ثم جاء وباء الكوليرا الذي كان هلاكًا للحجاج؛ حيث تساقطت أعداد كبيرة جثثا هامدة في عرفات ومنى واستمر الوباء حتى عام 1930.