أخيراً وبعد ثمانية أشهر و12 جولة رفع وزير خارجية أميركا جون كيري كلتا يديه ، واعترف بالفشل في مسعاه لاجتراح حل سلمي بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع أن أميركا منحازة لإسرائيل وملتزمة بأمنها وتفوقها ، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أفشل الجهود الأميركية ، ولم يقدم أية (تنازلات) بل اشترط أن يتنازل الطرف الفلسطيني عن كل شيء: حق العودة ، والقدس ، والاستيطان ويهودية الدولة ، مما يعني في الحد الادنى إلغاء حق العودة وفي الحد الاقصى طرد الفلسطينيين الذين يحملون جنسية إسرائيلية بحجة أن إسرائيل دولة للشعب اليهودي كما أن فلسطين دولة للشعب الفلسطيني.
كان المسؤولون الأردنيون يؤكدون مراراً وتكرراً بأنهم مطلعون على مجريات المفاوضات أولاً بأول ، وكان يبدو عليهم الاطمئنان إلى أن خطة كيري لن تمس مصالح الأردن. وقد ثبت الآن أنه لم يكن هناك أي تقدم يهم الأردن الإطلاع عليه أو التحوط له وأن خطة كيري لن تلحق الضرر بالأردن لسبب بسيط هو أنها لم تتقدم خطوة واحدة وأصبحت أخيراً بحكم العدم.
مجموعات كبيرة من (النشطاء) ومن (الحراكيين) في بلدنا كانوا يستعدون للتصدي لخطة كيري وإفشالها ، ولكن نتيناهو وفر عليهم الجهد ، فقام بالمهمة وألغى حاجتهم للمظاهرات والمهرجانات ، فحقق أهدافهم ، وأفشل الخطة المزعومة التي لم تستطع التحليق.
كان أقصى طموحات كيري أن يتم التوصل تحت إشرافه إلى اتفاق إطار لا يزيد في الواقع عن جدول أعمال يحمل عناوين للبحث والتفاوض ، ولكن حتى هذا الهدف المتواضع رفضته إسرائيل التي لا تبحث عن حلول وسط ، بل تريد أن تأخذ كل شيء ولا تعطي شيئاً.
السؤال الآن: ماذا بعد؟ ماذا سيكون موقف السلطة والشعب الفلسطيني بخاصة والدول العربية بعامة.
خلاصة الموقف أن الحق للقوة ، ولا مجال لحل عادل في ظل اختلال فادح لميزان القوى ، ذلك إن إسرائيل تعرف أنها تستطيع أن تأخذ أشد المواقف تعنتأً وأن ُتفشل الخطة الأميركية كما أفشلت المبادرة العربية دون أن تدفع ثمنأً.
أميركا كانت تستطيع أن تضغط على إسرائيل ولكنها لم تفعل ، وكانت تتوقع أن يتنازل الفلسطينيون عن جميع حقوقهم ويقبلوا بأي شيء مقابل دولة شكلية ولكن هذا لم يحدث ، أما الخيارات المطروحة أمامهم فتبدأ بالتحرك الدولي ، وتنتهي بالمقاومة الوطنية.