من لم يقرا كتاب «الطب الامبرالي والمجتمعات المحلية « لديفيد ارنولد، لا يمكن ان يفهم ويفسر ويدرك ما يجري للعالم اليوم في زمن كورونا.
الكتاب موضوع على رفوف مكتبات : الجامعة الاردنية والعلوم والتكنولوجيا، والهاشمية ومؤتة.
ما جعلني اطرق موضوع الكتاب الصادر في مطلع تسعنيات القرن الماضي انه الان بفعل كورونا انقشعت غيوم كثيرة متلبدة كانت تحجب وتموه صورة العالم الحقيقي.
فهل الطب علم اخلاقي وانساني ؟ ام ان الطب يخفي اديولوجيا : المرض والشفاء، والدواء ؟ فمن يقول ويخالف هذين السؤالين ؟ فماذا عرفنا من تاريخ الطب الاوروبي والامريكي غير مشاهد امبرالية ؟ فمن افريقا في حقبة الاستعمار وبعدها، والايدز والملاريا، الى جنوب امريكا وشرق اسيا والتوفئيد والحصبة وفايروسات الانفلونزا.
امبريالية الفايروسات في صورتها الكرورنية، والسيطرة الامريكية. ومن يكتشف علاجا لكورونا بالاول ؟ وباسم العولمة فان الامريكان والاوروبيين يسهرون على هذه الامبرالية باسم التفوق، ومركزية الغرب.
الوباء كوني. في مسرحية» اوديب ملكا «. طرحت المسرحية سؤالا عن اسباب الطاعون. وذاك الفايروس العن من كورونا. وكان قد اطاح بالناس والطبيعة. وادى الى فوضى وخراب وموت. وليقول كاتب المسرحية سوفوكليس ان الاوبئة من اصعب اختبارات الحكام والقادة، وان القيادة الرديئة والسيئة واحدة من اسباب انتشار الوباء.
من القدم، فان السؤال عن الاوبئة ارهق العقل الانساني. مجال السؤال والبحث ليس علميا وطبيا ومخبريا بحت. ان ثمة مشترك سياسي واقتصادي واجتماعي وديني « عقائدي «، لابد من الحفر في جوانبه لفتح طلاسم تاريخ الاوبئة واسرارها.
في الالياذا جاء : « ان الرعاة السيئين يدمرون القطعان ويقتلونها «. العالم اليوم يواجه الوباء بالدعاء السماوي، والنشاط العلمي والطبي، يعني، في الحديث عن كورونا، والبحث في الاسباب والمولدات، وعوامل نهوض وتفشي واستمرار حياة الفايروس، والتفكير في الخلاص. لمن نوجه السؤال، العالم ورجل الدين، والسياسي.
وللنظر للاخير « السياسي «، فما دام العالم عاجزا عن انتاج دواء. اذن، من هو المسؤول عن حماية الدول والاوطان والقطعان البشرية ؟ وصناعة انسان كورونا المتعايش والمتكيف اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا.
في العالم يسود اليوم ثقافة» الانانية « فرديا وجماعيا. دول تحارب من اجل حماية وجودها لوحدها. الاتحاد الاوروبي يتفكك ويصاب بداء الوحدانية، ومتلازمة التفرد الذاتي. وترامب مهووس بالتفرد والسيطرة الاقتصادية الاحادية الامريكية المفرطة، وتحويل العالم الى حديقة عسكرية خلفية، اسواق ودول معزولة.
عالمية كورونا، وما اصاب العالم. ثمة فلاسفة يحدو بالسؤال عن عالم جديد واوروبا جديدة ما بعد كورونا، وانهيار للحضارة الغربية، ومركزها التاريخي اوروبا.
واكتفي هنا بالسؤال عن اوروبا والغرب. فاما بلاد العرب، وما يتعلق في مستقلبها ومصيرها مع كورونا وبعدها، فهذا متروك الى سياق اخرى سنطرق الحديث عنه.
ولربما ان امة العرب بمعزل عن كل اسئلة العالم والبشرية والكون عن كورونا. فما زلنا نطارد الاوهام على الارض.والانسان العربي عايش في الخداج يبحث عن رعاية دنيوية ودينية وسماوية.
وهذا ما يفسر ان سؤال كورونا في بلاد العرب ما زال الاكل والشرب والطعام، والالحاح البيولوجي» البهيمي « وهذا هو الثابت العربي. خوفا من انقطاع الراتب وفقدان العمل لعدم الثقة بالسلطة ومؤسساتها، وانقطاع الخبز والقطايف من السوق، وتعطل الفيس بوك، حتى لا يغيب عنه جزء من رواية العامة عن وباء السلطة.