بعد أزمة حكم عاشها الكيان الإسرائيلي استمرت ما يقارب الـ 500 يوم، تخلّلتها ثلاث عمليات انتخابية مبكرة لم يسبق لإسرائيل أن شهدت مثلها، وهو ما أدى إلى استنزاف سياسي واقتصادي وتدنٍّ في ثقة الإسرائيليين بالطبقة السياسية. أبصرت حكومة الثنائي، نتنياهو، غانتس النور، ونالت ثقة الكنيست بغالبية 73 عضواً فيما عارضها 46. وتضمّ الحكومة الأكبر في تاريخ الكيان الاسرائيلي 34 وزيراً ضمن ائتلاف ضم معظم أحزاب اليمين والحريديم، ومنهم حزب «أزرق أبيض» برئاسة بني غانتس، بعد أن تشظّى الأخير إلى أحزاب عدة، على خلفية رفض الائتلاف مع نتنياهو. وفي الكلمة التي ألقاها في الكنيست قبيل التصويت على الثقة، عدّد نتنياهو مهمات حكومته وأهدافها، وكان الأبرز تشديده على مواصلة «محاربة تمركز إيران في سوريا ومنعها من امتلاك سلاح نووي»، وأن «إسرائيل لن تتردّد في استهداف أي تهديد ضدها في كل الساحات»، مع الإشارة إلى أن «الوقت حان لفرض القانون الإسرائيلي على ما اسماه البلدات في يهودا والسامرة»، في إشارة إلى ضمّ أجزاء واسعة من الضفة المحتلة إلى إسرائيل، قائلاً إن الضم «لن يبعدنا عن السلام، بل سيجعلنا أقرب إليه.
زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لابيد رد على خطاب نتنياهو وبرنامج عمل حكومته، إنه سيعارض تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية ومناطق غور الأردن، وسيصوت مع قائمة حزبه «هناك مستقبل» وبعض الأحزاب الأخرى ضد هذه الخطوة. واعتبر لابيد في تصريحات أوردتها القناة العبرية السابعة، بأن هذه الخطوة ستكون أحادية الجانب وليس جزءًا من اتفاق سياسي، وخاصةً أنها دون تنسيق مع الأردن. وقال «السبب الوحيد الذي جعلهم يتحدثون عن السيادة هو أن نتنياهو أراد تشتيت انتباه الجمهور، إن نتنياهو كلاسيكي - طرح قضية سياسية حتى لا يتحدثوا عما لا يريدون أن يتحدثوا عنه». وانتقد لبيد بشدة إنشاء حكومة نتنياهو - غانتس، في ظل وجود أكثر من مليون متعطل عن العمل بفعل فيروس كورونا وخسارة عشرات الشركات لنفسها. واتهم، غانتس واشكنازي بأنهم عملوا على خداعه بعدما وافقوا الجلوس في حكومة يقودها رئيس وزراء بثلاثة لوائح اتهام، متعهدًا بالعمل ضمن معارضة قوية ضد هذه الحكومة.
إن تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل «يعزز التحديات التي تواجه الفلسطينيين « فهذه الحكومة تحمل صفة الاصولية اليهودية الدينية المتطرفة وتجسيد الكراهية والعنصرية البغيضة وهي تدفع لسياسة العدوان والتطرف والعنصرية الاصولية، برنامجها السياسي عدواني ويجنح للتطرف والعنصرية الاصولية ومضمون برنامج الحكومة تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة
أن تأكيد نتنياهو في برنامج حكومته على تنفيذ سياسة الضم وفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة هو إمعان في سياسة العدوان ومحاولة فرض أمر واقع، رغم إدراك نتني اهو ان خطوة كهذه ستعيد خلط الأوراق وتعيد إسرائيل للمربع الأول، وأن غالبية دول العالم تعارض إقدام إسرائيل على خطوه أحاديه وتعتبرها خرق فاضح لقرارات الشرعية الدولية والقوانين والمواثيق الدولية التي تؤكد على أحقية الشعوب في تقرير مصيرها ورفض فرض سياسة أمر واقع لتغيير الديموغرافيه والجغرافيا للإقليم الذي يخضع للاحتلال بالقوة، برنامج حكومة نتنياهو يشكل تحدي لارادة المجتمع الدولي، وتجاوزه لكل الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ويسعى من خلال برنامجه لتهيئة وخلق الظروف التي تمهد لتمرير بنود صفقة القرن المرفوضة من قبل الفلسطينيين وغالبية المجتمع الدولي.
حكومة التطرف والعنصرية التي يرأسها الثنائي نتنياهو وغانتس تتطلب موقف فلسطيني موحد يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية لتتصدر الاولوية، وهذا يتطلب بلورة موقف عربي وإسلامي ودولي لرفض هذه السياسة التي تنذر بعواقب وخيمة، وتدخل المنطقة بأسرها في دوامة من العنف تطال الجميع.