ربما تكون زيارة الحكومة للبترا، برئاسة دولة رئيس الوزراء من الزيارات النادرة، واظن أن آخرها لرئيس وزراء كان في عهد دولة معروف البخيت حين اعلنت البترا من عجائب الدنيا السبع الجدد، ومن ثم غابت الزيارات ولم تكن المناطق الاخرى بأفضل حال. لكن ما حدث في الزيارة التي قامت بها الحكومة أول من أمس يحمل أكثر من مؤشر، وعلى رأس ذلك أن الحكومة مستقرة ومرتاحة، واستطاعت الخروج إلى الأطراف ولم تتكلس في انشطتها بعمان.
فمن عجلون التي قلما انتبه رئيس وزراء لمسجدها الكبير وظل التـأخر حليف عمليات الترميم الطويلة، وإلى البترا، مرورا بمخيم الحسين والوحدات كانت زيارات رئيس الحكومة تحمل الكثير من الرسائل ولا تمثل استعراضا للقوى أو لتثبيت الوجود، بل أن الحكومة ظلت ملتزمة بالذهاب للناس للانصات إليهم وتحقيق انجازات ومتابعتها فيما بعد.
وقد كان حديث رئيس الحكومة واضحاً بالبترا، ويطال حياة الناس لما هو افضل، وتم سرد مجموعة من المطالب والردود عليها من قبل الوزراء، ولعل تنبيه الناس إلى أنهم مقبلون على امور تنظيمية جديدة في مخطط المدينة وعدم السماح بالاعتداءات والتجاوزات على التنظيم، هو جزء من الوضوح المطلوب لكي يعيش الناس باستقرار ودون مفاجئات.
البترا في وعي رئيس الحكومة كانت واضحة المآل، فهي رئة السياحة ودرتها في الأردن والمنطقة، وتدرك الحكومة اهمية استثمار فرصة الاستقرار السياسي لكي تجذب السياحة، وقد بين رئيس الحكومة منزلة المدينة واهميتها واطلع عن كثب على واقع السياحة من قبل المعنيين ومن خلال سؤال السياح مباشرة.
الحكومة في البترا بدت أكثر قوة واكثر مباشرة، وعازمة على تنفيذ ما تريد دون مواربة، وهذا عنصر ارتياح؛ لأن التردد واطلاق الوعود للناس بلا تنفيذ يسهم في المزيد من القهر والخذلان، وما يحدث من زيارات حالية وقد سبق ذلك زيارات للوزراء من اجل تحديد اولوليات المحافظات بشأن التنمية فيها، لعله يكون بداية العودة للناس في مواقعهم وفي قراهم وبعيدا عن المركز.
نعم، استطاع رئيس الحكومة -حتى الآن- النجاح في الخروج من الازمات التي واجهته بذكاء، كما استطاع التحرر من ثقل البقاء في العاصمة، ويظل اختبار المستقبل يكمن في المضي بالمزيد من الزيارات للاطلاع على واقع الناس ومكاشفتهم بحاجاتهم وقدرة الدولة على تنفيذها، والانصات لمطالبهم وقراءة الواقع دون وسطاء، ولعل هذا الوصول للناس في مواقعهم هو جزء مما افتقدوه سابقاً، ذلك أن الكثير من الانشغالات والمهام كانت تحول دون ذلك، لكنها اليوم وإن وجدت إلا أن الاطراف تلقى من الحكومة اهتماما غير مسبوق، وهذا ما سيكون سر نجاحها وبقائها.
في النهاية كان استماع الحكومة لوضع اقليم البترا من قبل قيادات الإقليم الشابة والمميزة من جهة التكوين المعرفي والخبرة، يعني الكثير لهم، ويعني الكثير للناس، وللمستقبل الذي ينتظر البترا. ذلك أنهم انتظروا طويلا جولة حكومية واضحة ومباشرة تقف على الواقع وتشخصه وتحدد الممكن تنفيذه من المطالب.
ويظل النجاح في الأطراف، أكثر أهمية من المركز؟