إن الجبهة الحقيقية للصراع ليست المستوطنات "فقط" مع أهمية أن تتوقف كل عمليات
الاستيطان، ولكن الجبهة الحقيقية للمعركة هي الأرض الفلسطينية الحاضنة للمبادئ
والقضايا الأساسية والرئيسية مثل الاحتلال نفسه وكل ما يكرسه من استيطان وتهويد
وقتل وهدم كل مقومات الحياة الفلسطينية، ناهيك عن تنكره لحقوق اللاجئين وحق العودة
.
إن النضال ضد الاحتلال لن يكون له الأثر الفعَّال ما
لم تكن أولى الخطوات تتمثل في استعادة الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة الفلسطينية
ووحدة المؤسسات والاتفاق حول منهجية العمل ضد الاحتلال، والانتقال إلى المحافل
والمؤسسات الدولية، بالتزامن أيضا مع تفعيل المقاومة الشعبية في وجه المحتل في كافة
أماكن تواجده فوق أرضنا المحتلة .
إن المخططات
الإسرائيلية لن تتوقف بوقف المفاوضات أو بتمديدها، لأننا كما أسلفنا ان عقلية
الاحتلال مركبة على الاستيطان، وها هو المخطط الإسرائيلي الجديد يكشف عن أنيابه
وخلاياه السرطانية المدمرة حيث أن هذا المخطط يرمي إلى زيادة عدد المستوطنين في
الضفة الغربية إلى مليون مستوطن في عام 2020، واليوم يتواجد نحو( 650) ألف مستوطن
باتوا يتواجدون في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، والخطير في الإطار
الذي تطرحه الإدارة الأمريكية أنها تعفي ( اسرائيل) من الالتزام بعدم الاستيطان
والتمدد في القدس المحتلة، وفي هذا تهديد مباشر لعاصمة الدولة الفلسطينية من خلال
استمرار سياسة تهويدها وإيجاد بيئة مواتية لجلب المزيد من المستوطنين للعيش في
المدينة المقدسة على حساب المواطنين الفلسطينيين أصحاب الحق الشرعي في العيش في
مدينتهم، وعلينا أن نعود لثلاث سنوات سابقة حيث أن المفاوضات قد جمدت تماما لأن
حكومة الاحتلال رفضت قبول أي اقترح أو فكرة تجميد عمليات البناء في المستوطنات، وبل
نفذت المخططات الاستيطانية واستمرت في تهديد الوجود الفلسطيني ، والنتيجة أن آفاق
المفاوضات، مع استمرار الموقف الإسرائيلي من الاستيطان، ستبقى مسدودة وغير قابلة
للقبول فلسطينيا .
وها هو وزير الخارجية الأمريكي
"الوسيط كيري" يواصل جولاته المكوكية في المنطقة لكي لا تنفجر الأمور ويُعلن فشل
المفاوضات، وهو متأكد أن (إسرائيل) هي التي تفجر الأزمات وترفض حتى الأفكار
الأمريكية، ويظهر الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي، وتعطيل أي فعل وإرادة
دولية لإلزام إسرائيل بإنهاء الاحتلال وبالتالي يلزم هنا العودة الى الأمم المتحدة
وكافة المرجعيات الأممية، وهذا ما أكده عليه الرئيس أبومازن بتوقيعه مساء أمس
الثلاثاء، على وثيقة للانضمام إلى 15 معاهدة دولية، بعد موافقة القيادة بالإجماع
على التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، اثر رفض إسرائيل الإفراج عن الدفعة الرابعة
من الأسرى، وبالتالي الانضمام إلى 63 منظمة دولية، وعلى رأسها محكمة الجنايات
الدولية.
هنا يتضح ان (إسرائيل) قد رفضت الالتزام بشروط
بدء المفاوضات الحالية، وتحاول أن تُدخل القيادة الفلسطينية في أزمة، وان توصل
الأمور إلى مرحلة التأزم السياسي، وتعتقد ان هذا الأسلوب سوف يكون هو المتبع
"لاحقا" في أي مفاوضات، وكان واضحا القرار الفلسطيني والذي تم إبلاغه الى الوسيط
الأمريكي برفض الربط بين موافقة الفلسطينيون على تمديد المفاوضات مقابل الإفراج عن
الدفعة الرابعة من الأسرى الـ104 الذين تعهدت إسرائيل بإطلاق سراحهم لدى انطلاق
المفاوضات في يوليو/تموز الماضي، وليس لأجل تمديدها اليوم.