حسمت صفقة القرن او اتفاق نتنياهو- ترامب الكثير من الكلام حول مصير العلاقات العربية الاسرائيلية، ومدى بقاء مقولة رفض اسرائيل في المنطقة، فالاتفاق يطرح ببعده الاقتصادي مشاريع تنمية لخطة السلام، لتكون بوابة الدخول الصهيوني للبلاد العربية، وهي لاشك لن تنجح، لانها شبيهة بالوعود الاقتصادية التي تلت اتفاق وادي عربة واسلو.
صحيح أنه ومنذ اتفاق كامب ديفيد 1978 وحتى وادي عربة 1994 مرورا باتفاق أوسلو 1993 تم توقيع اتفاقيات بين حكومات وحكومة الاحتلال، إلا أن الخيار الشعبي العربي ظلّ مناهضا لكل مسعى تطبيعي يقيم علاقات مع العدو الصهيوني.
وصحيح أيضاً أن الموقف الشعبي العربي ظل متماسكاً، طيلة عقود السلام الثلاث العجاف، لكن المشكلة كانت منذ بداية الألفية الثالثة تراجع حضور مبدأ رفض التطبيع في الخطاب الثقافي العربي، لصالح مفردات كثيرة ومنها محاربة الارهاب والإصلاح، ومن ثم جاء الربيع العربي بعد العام 2010 ليدخل المنطقة والعالم العربي في ظروف مُثلى بالنسبة لكيان الاحتلال، فبات الحديث عن القضايا العربية في دول ما سمي الربيع العربي في صدارة الخطاب الثقافي والاجتماعي والسياسي.
واليوم يفرض الواقع العربي في ظل العنت الاسرائيلي والانقسام الفلسطيني، مسؤولية استنهاض خطاب المقاومة الثقافية، ورفض الحضور الاسرائيلي او اقامة علاقات مع كيان الاحتلال. وغاية القول، أنّ العرب اليوم في ظل هيمنة اليمين الاسرائيلي على الحكم، هم في أسوأ قدرتهم على الصمود والمواجهة، لكن الرفض ليس معدوما وهناك نماذج مقاطعة مشرفة.
حتى العمل المهني والنقابي الذي كان ينهض بخطاب المقاومة ورفض التطبيع، يشهد اليوم تراجعا كبيراً، في ظلّ ارتفاع المطالب الشعبية والمهنية في مسائل العيش من أجور وكهرباء وغيرها، ولربما سيكون الوضع المقبل أكثر سوءاً لذلك على مؤسسات العمل النقابي تجديد الخطاب الرافض للتطبيع.
والسؤال ما المطلوب؟ إن في الأردن اليوم ورغم توقيع اتفاق سلام مع دولة الاحتلال، مناخاً وموقفا سياسيا مشرفاً لجلالة الملك عبدالله الثاني، في رفضه لسياسات العدو وفي اعلانه الصريح بالدفاع عن الحق الفلسطيني، وهذا الموقف يجب ان يبنى عليه ويتم إسناده بخطاب عقلاني ومسؤول على مستوى النخب وعلى مستوى المؤسسات، وخاصة الثقافية والعلمية.