أخر الأخبار
مقاتل عائد من سورية
مقاتل عائد من سورية

يقول زعماء للسلفية الجهادية في الاردن ان اعداد المقاتلين الاردنيين في سورية بدأت بالانخفاض مؤخرا.
عدد من المقاتلين بدأ يعود الى الاردن،بعد اكتشافهم ان ما يجري في سورية مجرد محرقة،لاعلاقة لها بأعمال الاخرة،فيما اعداد المتدفقين عبر الحدود الاردنية او تركيا بدأت بالتراجع لذات السبب،فوق التشديد الرسمي.
على حد وصف مقاتل سابق،فان كثرة اكتشفوا انهم يحاربون باسم الله،فيما جهدهم يصب عمليا لصالح «اعداء الله» من اجهزة امنية اقليمية وعالمية،تريد تدمير بنى الدولة السورية،ولا تريد فعليا اسقاط النظام.
الموجات الارتدادية،على صعيد المقاتلين ليست سهلة،والاردن يتخذ اجراءات حادة من منع المقاتلين من العودة،في بعض الحالات،الى محاكمة العائدين،بتهم ليست سهلة،وبرغم الاجراءات الا ان التقدير الانساني لبعض الحالات بقي قائما على صعيد عقيدة الدولة.
قبل فترة كتبنا عن حالتين لمقاتلين اثنين،من معان ومن مخيم البقعة،تعرضا الى اصابات وجروح،وبرغم تمنع الدولة ورفضها في البداية عودتهما،الا ان التقييم الانساني غلب نهاية المطاف،وتم السماح لهما بالدخول،فيما حالات اخرى يتم التشدد في وجهها بقوة.
الواضح ان التقديرات تقوم على اسس من بينها،تقدير مخاطر العائد،وعمره وخبرته ومستويات نشاطه ودوافعه ونواياه ثم رغبته بالهدوء والتقاعد،والاسس هنا متنوعة،مما يجعلنا امام حالات تتم معاقبتها،وحالات يتم تركها واخلاء سبيلها لاعتبارات مختلفة.
لا احد مع القتال في سورية،فالانتساب الى تنظيمات مقاتلة،امر حساس،والشعب السوري ليس بحاجة الى مقاتلين عرب واجانب،بل ان وجود المقاتلين العرب والاجانب،كان طوق النجاة لدمشق الرسمية،التي قالت للعالم ان هؤلاء هم ورثتها،والمفارقة هنا،ان وجود المقاتلين ادى فعلياً خدمة عظيمة لدمشق الرسمية،بدلا من ان يكون ضدها في المحصلة.
في كل الحالات بين يدي هنا حالة انسانية لمقاتل عائد،ونطرح قصته هنا،ليس من باب الوكالة عنه،او تعهد عطاء المقاتلين العائدين.
المقاتل العائد،طالب هندسة يدعى (أ.أ.ث) وهو من جرش،وبرغم ظروفه الصعبة جدا اجتماعيا،اذ ان والده مريض ومقعد ولديه مشاكل في العمود الفقري،ووالدته تجهد لتأمين لقمة الخبز،عبر عملها في الخياطة،لاجل العائلة،الا انه ترك جامعته ووالده،وذهب للقتال في سورية،وقد ترك خلفه والده المقعد المريض وشقيقتين صغيرتين،وأخا اصغر.
اذ عاد تم توقيفه واعتقاله،وتم توجيه عدة اتهامات اولية له،من ابرزها عبور الحدود بشكل غير رسمي،ثم الالتحاق بجبهة النصرة.


التوقيت غير مناسب للملامة هنا،اذ ان الاصل كان احساسه هو قبل من نناشدهم لاجله،بمصيبة والده ومرضه وبوضع عائلته،وان لا يفرط بجامعته،فهو آثم بترك هذه المسؤولية،وهي مفارقة ان نعيد انتاج السبب الانساني،الذي تجاوزه شخصيا،لندعو الى العفو عنه واطلاق سراحه.
للدولة عين وقلب،اذ تعرف ان هناك من يتحمس،وهناك من تستثيره مشاعره الدينية،او من تحمله صهوة الشباب الى المعارك بحسن نية،ولربما ميزة الدولة تاريخيا هذا التسامح في ارثها وفقهها وتعاملات المسؤولين فيها،والتسامح استثمار في البنى الاجتماعية لا يضيع ابدا ولا يتبدد.
المقاتل العائد تم اتهامه بكونه قد التحق بالنصرة لعدة شهور،والارجح ان التوقف عند قصته ورحمته امام حالة والده المقعد والمحتاج ووضع عائلته،امر لا يضير الدولة ابدا،خصوصا،اذا تم التأكد من انه سيصير كامنا،دون اي نشاط،وهذه هي الغاية المقصودة في نهاية المطاف.
يقال هذا الكلام والاردن امام مشكلة المقاتلين العائدين،لكننا نبقى في الاردن اصحاب ميزة تتفوق على العرب،فلا ثارات نائمة بين الدولة والناس،ولا..دم بين الجميع،والصبر على المخطئ،ومنحه فرصة اخرى،امر يستسقي الغيث،والامن في وقت واحد،ولو ..كرامة لشيبة والده المريض.