في ضوء اتساع المعارضة ضد ضم الأغوار وشمال البحر الميت، فلسطينياً وعربياً وإسرائيلياً ودولياً، ما زال الغموض يكتنف عملية الضم وإجراءاته بانتظار ما تقرره الولايات المتحدة الامريكية؛ اذ ليس من الواضح بعد إذا ما كانت حكومة نتنياهو وغانتس ستبدأ في تنفيذ مخطط الضم في الأول من تموز/يوليو القادم كما وعدت، أم أنها ستتراجع أمام تداعيات الضم، ويبدو أن نتنياهو تسلق شجرة عالية ولا يعرف كيف ينزل عنها».
في الولايات المتحدة يخشون من ان تمس فكرة الضم بعلاقات إسرائيل مع الأردن، ويتخوفون من رد فعل دول الخليج التي انفتحت تجاهها في السنوات الأخيرة بقدر أكبر. وبحسب المصادر الاعلامية واشنطن غير مستعدة لان تتخلى عن الاجماع في حكومة الوحدة – وتطلب أن يوافق وزير الدفاع بيني غانتس على الخطوة التي يعمل عليها نتنياهو. ووفق التقديرات فان السيناريو الذي سيتحقّق: الشروع في ضمّ 30% من الضفة المحتلة طبقاً لـ«صفقة القرن»، أو الامتناع عن أي خطوة، وما بينهما سيناريوهات ضمن عملية الاجتهادات وسط معارضة فلسطينية وعربية وأممية أفرزتها فعاليات أريحا والرسائل المنددة والرافضة لخطة الضم، الخلاف بين أمريكا وإسرائيل حول مساحة الضم ومناطقه: الأغوار، أو الكتل الاستيطانية الكبرى، أو مستوطنات خارجهما، مع الإشارة إلى أن ضم مساحات أكبر مما هو مقرر في «الصفقة» يبقى قائماً نظرياً، كونه مطلب اليمين المتطرف، لكنه لا يملك حظوظاً حالياً.
نتنياهو منزعج من اشتراط البيت الأبيض الإجماع الإسرائيلي، فاستعاد رئيس الحكومة البديل، بيني غانتس، حق الفيتو الذي سلبه إياه نتنياهو خلال الاتفاق الائتلافي؛ ما وفر له هامشاً مهماً من الندية. وهناك تردد بين كبار المحللين الإسرائيليين بشأن تقديراتهم إزاء السيناريو المتوقع بعد عملية الضم، ويعود ذلك إلى سرعة المستجدات الداخلية والأميركية، وتداخلها مع عوامل اقتصادية وصحية وسياسية.
وفي مواجهة هذا الواقع المركّب، ينتهج نتنياهو تكتيك التلويح بالانتخابات للضغط على غانتس، فإن نجح الأول في تمرير ضمّ، ولو جزئيا، يكون قد أسَّس لمسار يُعزِّز به موقعه مع أنه سيتعرض لانتقادات من اليمين المتطرف. وإن نفذ وعيده بانتخابات مبكرة على خلفية الموقف من الضم، يكون قد حدَّد عنوان الانتخابات ومحور التنافس فيها، على أمل أن ينجح بذلك في التفاف جمهور اليمين حوله لتحقيق ما يطمح إلى تحقيقه في الضفة.
ووفق استطلاعات الرأي الحالية، يحرز «الليكود» ومعسكر اليمين الحليف له تقدماً ملحوظاً يمنحه تشكيل حكومة يمينية من حلفائه التقليديين؛ ما سيمنحه فرصاً إضافية على المستوى الشخصي والسياسي، وبطبيعة الحال، الذهاب إلى انتخابات مبكرة يعني أن تنفيذ الضم سيتأخر.
الخلافات بين حكومة نتنياهو والاشتراطات الامريكيه تجعل سيناريو التأجيل حاضرا، وهو ما تناولته صحيفة «معاريف» التي لفتت إلى الخلافات داخل الحكومة، والأمر ينسحب على إدارة ترامب. كما رأت الصحيفة أن الضم سيؤجل ولن يبدأ بحلول الشهر المقبل مثلما تعهد نتنياهو.
مساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد شينكر، قال إن إسرائيل «ستأخذ بالاعتبار تحذيرات مسؤولين عرب من تنفيذ ضم واسع»، وأن هذه التحذيرات تشكل جزءاً من الاعتبارات الإسرائيلية. العبارات المنتقاة في كلام شينكر، تعطي ملامح الضم الجزئي الهادف إلى تلبية مطلب نتنياهو،، تبقى الكلمة الفصل للشعب الفلسطيني الذي أعربت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن تخوفها من ردة فعله، وحذَّرت من أن يشكل الضم شرارة لاشتعال الضفة الآن أو في مرحلة لاحقة؛ ما يؤدي إلى تغيير المشهد الداخلي والإقليمي.