في بلد يتعرض فيه رئيس الوزراء للاختطاف، لن يكون مستغربا تعرض سفير دولة عربية أو
أجنبية للخطف، كا حصل مع السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان يوم أمس.
تعيش ليبيا حالة عدم استقرار أمني خطيرة منذ سقوط نظام
القذافي، وفي غياب قدرة الدولة الجديدة على فرض سلطتها، يتنامى نفوذ الجماعات
القبلية المسلحة، والعصابات، ويتداخل نشاط هذه المجموعات مع أجهزة الدولة الأمنية
والعسكرية، هذا إلى جانب الجماعات الدينية المتطرفة.
الولايات المتحدة الأميركية وبكل قوتها وحضورها الاستخباري والأمني في
ليبيا لم تستطع حماية سفيرها من القتل وسفارتها من الحرق في بنغازي. وفي الأشهر
الماضية تعرض العديد من الدبلوماسيين والصحفيين إلى القتل والاختطاف في ليبيا.
منذ لحظة الإعلان عن اختطاف السفير العيطان سرت موجة من
التكهنات حول هوية الخاطفين ومطالبهم. وسائل اعلام ليبية ذكرت أنها حذرت منذ أسابيع
من عملية يجري تدبيرها لاختطاف السفير الأردني. لم يتبين بعد إن كانت السلطات
الليبية قد أخذت هذا النبأ على محمل الجد أو أنها وضعت السفير ووزارة الخارجية
الأردنية بصورتها.
تطورت هذه الرواية في ساعات الظهيرة
أمس، وظهر عنصر جديد مثير للاهتمام، ويتمثل بأن هناك مجموعة متطرفة ليبية اختطفت
السفير للضغط على السلطات الأردنية للإفراج عن مواطن ليبي يقضي عقوبة السجن المؤبد
في الأردن بتهمة المشاركة في نشاط أرهابي، ويدعى محمد الدرسي.
جميع هذه الروايات تبقى في خانة التكهنات مالم تعلن جهة مسؤوليتها عن
اختطاف السفير وتحدد مطالبها، أو أن يكشف الجانب الرسمي الأردني عن اتصالات تلقاها
من الجهة الخاطفة. والاحتمال الثاني مستبعد وحتى وإن حدث مثل هذا الاتصال فإن
السلطات الأردنية لن تكشف عنه، وستلجأ للقنوات الدبلوماسية السرية والأمنية لتخليص
السفير من قبضة الخاطفين.
من المستبعد أيضا أن تقبل
الحكومة الأردنية التفاوض مع جماعات مثل تنظيم القاعدة، أو تستجيب لمطالبها، إذ لم
يسبق للأردن أن دخل في مفاوضات من هذا النوع من قبل ومع جماعات مصنفة على لائحة
الإرهاب.
ربما، وعند هذه المرحلة تتعقد القضية وتأخذ
وقتا أطول قبل تحرير السفير، كما حصل من قبل مع الضباط الأردنيين الذين جرى
اختطافهم في دارفور واقتضى الإفراج عنهم أسابيع طويلة من الاتصالات والمفاوضات التي
أشرف عليها فريق أمني أردني في الميدان.
ليبيا اليوم
ساحة مفتوحة لكل الجماعات العابرة للحدود، وميدان نفوذ لدول بعضها على ارتباط وثيق
مع هذه الجماعات.
ويمكن في هذا الصدد طلب المساعدة من
بعض هذه الدول للوصول إلى مختطفي السفير وإجبارهم على إطلاق سراحه.
المهم وفي كل الحالات أن لا يخضع الأردن لابتزاز هذه الجماعات، ويرضخ
لشروطها ومطالبها. ولو فعل عكس ذلك فإن سفراء أردنيين كثرا سيكونون عرضة لنفس
المصير في المستقبل