عندما كنا نطرح بعض المقارنات بين الأردن والدول الغربية و الأمريكية على أسس العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية ، كنا نفتخر بأننا ما نزال لدينا تلك الروابط التي تحمي المجتمع والأسرة وتجعل للحياة هدف أسمى من أن يكتفي الإسنان بها بل تجده ينظر لما بعد الحياة بكل أمل أن يجزى على ما يقدمه لتلك العلاقات تحت مسمى ' صلة الرحم ' ، وكان أبرز ما يطرح من هذه المقارنات أنه وخصوصا في الأردن لايوجد لدينا أشخاص يموتون وحيدين وخصوصا كبار السن لأن هناك تواصل إجتماعي يبدأ من العائلة وينتهي بالجيران وكنا نكثر من مقولة ' سيدنا محمد ' عليك بالجار وأوصانا بسابع جار وقيل في الأمثال أن الجار قبل الدار .
ولكن يبدو أن تلك الثقافة لم تعد تسمو بنا أو تميزنا عن غيرنا من الشعوب والدول ، والدليل حادثة الثمانيني الذي وجد متوفيا في بيته في منطقة المهاجرين قبل ثلاثة أيام من العثور على جثته ، والصور التي نشرت مع الخبر تدل على أن مكان سكن هذا العجوز في عمارة بها شقق ومحلات تجارية وتؤكد على أن هناك جيران لهذا العجوز لم يبالا بعدم مغادجرته لمنزله منذ ثلاثة ايام ، وهذا جانب الجيران وعن جانب الأسرة فيبدو أن ذها العجوز لم يزره في منزله أي من أبناءه أو أقاربه منذ ثلاثة أيام أو يزيد .
كل ما سبق يؤكد أننا أصبحنا نشاهد الكثير من المتغيرات في علاقاتنا الاجتماعية سواء على مستوى الأسرة أو الجيران تؤدي في النهاية إلى أن هناك عجوز في الثمانين من العمر توفي في بيته ولم يعرف أحد بذلك ويبدو أن رائحة جثته هي التي دلت عليه كما كنا نقول عن دول الغرب الأخرى ، وعلينا أن نكف عن تمييز أنفسنا أمام الأخرين بمعلومات كاذبة عن تلك العلاقات وأن نعلن للأخرين وبكل جراءة أننا أصبحنا مثلهم .
وموت ذلك العجوز لابد وأن تعيد لنا كمجتمع صوابنا وأن نكف عن ممارسة الوهم بأننا مجتمع متماسك وتربطنا علاقات قوية على مستوى الأسرة والجيران مع أننا بكل فئاتنا لم يبلغ عددنا عدد سكان مدينة واحدة من تلك الدول ، وعلينا أن نتوقف عن التباهي وأن نعترف أن لدينا مشكلة ؟.