×

إذابة الحواجز وانجاز سلام تاريخي، تروج له الولايات المتحدة، هو محض هراء، لطالما وعدت امريكا العرب والفلسطينيين، لكنها لم تقدم إلا المزيد من الدعم لاسرائيل وتتعمد إذابة الحقوق الفلسطينية.

كان الأردن أكثر الخاسرين، من التعنت الغربي والاسرائيلي، والأردن اكبر متضرر من الاحتلال، فقبل خيار الاستقلال الفلسطيني، او الرغبة بالتمثيل الوطني الفلسطيني للوصول لمسار أوسلو، خسر الأردن الكثير، خسر نصفه في حرب 1967، وخسر ما انفقه من خطط تنموية في الضفة، لكنها كانت مربحة للناس الذين افادوا منها، وربح الكثير من فصول التاريخ المشرفة والشهادة والعلاقات الأخوية مع الفلسطينيين.

خاض الأردن فرصة التفاوض بحثاً عن نصفه الذي سقط في النكسة مبكراً، وأعطى القادة العرب في قمة الخرطوم للحسين رحمه الله، حق البحث عن ظروف أفضل والتفاوض لأجل أن استعادة ما خسره. ولم يشأ الأردن أن يذهب منفرداً للسلام، برغم فداحة الخسارة، وظلّ على  موقفه، حتى جاءت كامب ديفيد واحدثت صدعا في الجدار العربي، ثم اعاد الامريكان مبادراتهم التي فشلت كلها وصولا لصفقة القرن التي ستفشل أيضاً.

ملفات الأردن السياسية في الحوار الامريكي الاردني الفلسطيني لأجل السلام يذكر فيها وزراء خارجية امريكا كلهم، بدءاً من وليم هيغ الذي كان من اوائل الساعين للسلام، وصولا إلى بومبيو اليوم، مرورا بجورج شولتز الذي كان المبادر للدعوة لحل الدولتين بين عامي (1982 ــ 1989) لكن شولتز كان متاثرا بمساره الاكاديمي كرئيس جامعة وفضل ترك سمعة اخلاقية وراءه.

 أما أدموند موسكي فقد حضر بفاعلية، وقاد موقف إدارة كارتر من مبيعات الأسلحة الأمريكية لإيران ضد العراق وكان يميل لإسرائيل كي لا ينتصر العراق، وهندس موسكي صفقات طائرات الفانتوم الإسرائيلية لإيران، التي قدمت تسهيلات لهجرة يهودها آنذاك عبر أفغانستان ثم أستراليا فإسرائيل.

 في حين أن كولن بأول جاء في زمن نشر الديمقراطية، ومع أنه اكتسب خبرة عسكرية في حرب الخليج الثانية، إلا أن عقدة الأصل الجمايكي ظلت تلازمه، ثم تحطمت مصداقيته أمام كذبة أسلحة العراق للدمار الشامل التي أعطت مبررا للحرب ضده، وفي النهاية أقصي بفعل فريق بوش نفسه الذي تكون من رجال عصابات وحروب وشركات أمنية. 

 وفي عهد الرئيس كارتر جاء سايروس فانس وزيرا، وهذا الأخير الذي شغل الوزارة بين عامي (1977 ــ 1980). لا يقارن بمادلين أولبرايت وسطوتها على رؤساء دول الفلك الأمريكي في الشرق الاوسط، أما لورنس إيجلبرجر فرغم أنه وجه الدعم لمنطقة الشرق الأوسط، إلا أنه لم يكن ذا أثر كبير، في حين أن هيلاري كلينتون تجد بطولتها في دعم التغيير والثورات العربية، كتعويض عن فشلها في دفع السلام قدما، الذي كانت قد قبلت استقالة جورج ميتشل.

 في الشرق الأوسط سقطت مصداقية وزراء خارجية الإمبراطورية ورؤسائها، كما أن الشرق الأوسط ظلّ المنطقة التي كانت ترفّ منها عين الرؤساء باعتبارها بوابة الدخول للبيت الأبيض، والنجاح فيها قد يؤهل للبقاء ثانية، وذلك ما يريده ترامب اليوم كصانع سلام.

وللأسف لا تسعف الذاكرة ولا الواقع الراهن اليوم، بأي تفاؤل بما تجريه امريكا، التي سربت معلومات تفيد بأن كوسوفو ستفتح سفارة في القدس كأول دولة مسلمة، ولكوسوفو وامريكا قصة كبيرة سنكتبها لاحقاً.