يسعدنا نحن في الأردن ألاَّ تكون هناك لا خلافات ولا صراعات عربية ويريحنا إذا كانت هناك خلافات وصراعات وتم تطويقها وحلَّها أو محاصرتها على الأقل وعدم تطوُّرها إلى ما هو أسوأ ولذلك فإننا بالطبع وبالتأكيد نؤيد ما تم مؤخراً في الرياض من رأبٍ للصدع بين دولتين عربيتين الأولى :الشقيقة الكبيرة الممكلة العربية السعودية والثانية :دولة قطر وإننا بالطبع نقدِّر عالياً الجهود العظيمة التي بذلها الشيخ صباح الأحمد (أبو ناصر) في هذا الإتجاه والتي كنَّا واثقين من نجاحها رغم وجود صعوبات كثيرة وكبيرة.
كُنَّا ولا نزال ننظر إلى إنشاء مجلس التعاون الخليجي على أنه خطوة في غاية الأهمية في إتجاه الوحدة العربية المنشودة وحقيقة أن تماسك هذا المجلس لثلاثين عاماً وأكثر قد عزز الأمل بإمكانية أن يكون هناك إتحاداً عربياً ليس بالطرق والأساليب التي كانت مطروحة في خمسينات وستينات القرن الماضي ،أي الوحدة الكاملة الشاملة التي تذيب الخصوصيات القُطرية والإقليمية، وإنما بصيغة الإتحاد الأوروبي الذي قطع مسافة طويلة تخللتها تجارب كثيرة وواجهتها صعوبات متعددة حتى وصلت إلى هذه الصيغة التي وحَّدت جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة والتي وجدت فيها شعوب كل هذه الدول أسلوباً لحل مشاكلها الإقتصادية في الدرجة الأولى والسياسية في الدرجة الثانية.
وحقيقة أنه شيء عادي وطبيعي أن تكون هناك تعارضات وخلافات في مجلس التعاون الخليجي إذْ أن العائلة الواحدة ،من أبٍ واحد ومن أمٍ واحدة، لابد وأنْ تواجه ليس في بعض الأحيان وإنما في كل الأحيان مشاكل وإشكالات طارئة وغير طارئة كثيرة.. فكيف والأمر يتعلق بست دولٍ لكل واحدة منها أوضاعها الخاصة وعلاقاتها العربية والدولية التي لا تنطبق إنطباقاً كاملاً مع علاقات الدول الأخرى رغم أن الجميع ينضوي في إطار هذا المجلس الذي تقتضي الأمانة الإشارة إلى أنه حقق إنجازات لا يمكن التقليل من أهميتها والتي من المفترض أن يتم البناء عليها في المراحل المقبلة.
إنه لا أهم ،بالنسبة لعلاقات كهذه العلاقات الأخوية وعلاقات الجوار والتاريخ الطويل المشترك بين الممكلة العربية السعودية ودولة قطر، من المصارحة المستمرة ومن المفاتحة مما تعشر به إحدى هاتين الدولتين الشقيقتين تجاه الدولة الأخرى وحقيقة أنَّ ما جرى خلال السنوات الأخيرة يؤكد أنَّ هناك أخوَّة سعودية-قطرية بالفعل وان الإناء الأوسع هو الأكثر قدرة على إستيعاب الإناء الأصغر وأنه لابد من المصارحة لحل أيِّ خلاف طارئ وبالطبع فإن هذا هو ما تمَّ وجرى وان لقاء الرياض كان ضرورياً لتصفية القلوب من أجل إستئناف المسيرة السابقة قبل إستئناف هذا الأمر الطارئ بين الأخ وأخيه.
وهنا فإنَّ ما نرجوه نحن في الأردن حيث نعتبر أنفسنا بوابة الجزيرة العربية نحو بلاد الشام ،بل نحو العالم الغربي كله، سابقاً ولاحقاً وحتى يوم القيامة هو البناء إيجابياً على ما جرى في الرياض وهو أيضاً أنْ تتق الله وسائل الإعلام الخليجية وغير الخليجية وأن تكف عن عمليات الحقن والتأزيم فالإعلام كما أنه رسالة فإنه مسؤولية ومسؤولية الإعلام العربي والخليجي أن يركز في مثل هذه الأمور على الإيجابيات وان يبتعد عن السلبيات.. إذْ أنه لا يستفيد من «تدهور» العلاقات بين الشقيق وشقيقه إلاَّ عدوٌّ حاقد أو صديق جاهل لا يملك القدرة على التمييز بين الصحيح والخطأ وبين الخير والشر.
إنَّ هذه المنطقة العربية تشهد الآن تحولات تاريخية بالفعل وإنها تشهد مرحلة عدم إستقرار لا أحد بإمكانه التكهُّن جازماً بكيف ستنتهي وعلى أيِّ جانب ستتكئ ولهذا فإنه يجب الحفاظ على بصيص الأمل في منطقة الخليج ويجب مساندة ما جرى مؤخراً في الرياض قولاً وفعلاً.. وهذا يتطلب مسؤولية واضحة من وسائل الإعلام الخليجية والعربية ويقتضي الإشادة بحنكة الشيخ صباح الأحمد (أبو ناصر).. أطال الله عمره.