علمياً ينشغل الناس، والنخب بدرجة أكبر، حول مصير حكومة الرزاز، وينشغل د. الرزاز بمواجهة الفساد، واصلاح الإدارة العامة، والقطاع العام ودمج المؤسسات. ويُبقي العامل الدستوري حول عمر المجلس ومصيره الباب مفتوحاً للتكهنات، بين نهاية طبيعية لمجلس النواب، «تسليم مجلس لمجلس» وبالتالي بقاء الحكومة، وإداراتها للانتخابات، وهو الخيار الأقل كلفة والاكثر معقولية، فالتغيير الموجب لمجرد الاستحقاق، هو امر مرتبط بخيار أمر الملك بحل مجلس النواب فقط. وإذا ما نظرنا لبقية الملفات التي تحملها الحكومة فهي اهم من اجراء الانتخابات التي تنهض بها الهيئة المستقلة للانتخابات.
بقاء الرزاز، أو خروجه من الرابع، لا يشكل همّاً عاماً عند المجتمع والناس العاديين، وإنما تنشغل به النخب، التي تبحث عن تدوير جديد، ولكن هنا نذكر بأنّ النخبة السياسية في الأردن توصف بأنها مغلقة، ولا تتجدد وفق عملية سياسية، بل هي من صنع الدولة، فلا يوجد أغلبية سياسية تعمل على انهاء عمر حكومة بالقنوات الديمقراطية للحلول مكانها.
عملياً اكثر من إشارة مررها جلالة الملك، مبيداً اعجابه بأداء الحكومة وتنسيقها مع بقية المؤسسات وبخاصة الجيش والمؤسسات الأمنية في ظلّ أزمة كورونا، فالملك أشار بأنه وخلال عقدين تعتبر هذه التجربة الأفضل في التنسيق المشترك بين المؤسسات، وهذا كان في ظلّ مؤشرات وبائية منخفضة. واليوم ترتفع مؤشرات الإصابة في الوباء بما يستدعي تعظيم التنسيق والإفادة من الأخطاء وتصويبها، وهذا قد يعني رحيل الحكومة او بقاءها مع تعديل يخرج وزراء محددين، لكنه خيار غير مرجح بشكل كبير، ولكن أيضا لا شيء ثابت أيضاً وقد تتعدل الخيارات الملكية في أي لحظة.
ميزة المرحلة الراهنة أن الملك يعرف تفاصيلها، ويشترك ويشتبك مع الحكومة لمساعدتها في توفير الحلول وتذليل الصعاب، وهذا معناه أنه مطلع على كل انواع وضروب الخلل، وهي موروثة، وبالتالي تتعاظم مهمة الرزاز في إصلاح القطاعات الصحية ونظام التعليم بدرجة اكبر ومعها تحسين كفاءة القطاع العام والتحول الرقمي، مع الدمج المستمر للمؤسسات، وتقييم القيادات، وهي أهداف كبيرة تحتم البقاء للحكومة على الأرجح.
عملياً أدخلَ الرزاز حكومته في جو من الأعاصير؛ بفعل ابتعاده عن المصالح الشخصية والمضاربة في سوق الشعوبيات، وعدم اضطراره للمهادنة، وملف التهرب الضريبي شاهد خير على صدقيّة حكومته، وله أن يمضي بقوة أكبر في بقية الملفات كي يُحدّث قائمة وزراء الحكومة مستقبلاً وكي تستمر الافكار التي طالب بها ويؤمن بها، وكي نواجه الأزمة الاقتصادية التي من المرجح أنها تتعاظم مع قادم الأيام.
محور الغضب على حكومة الرزاز كان يرتكز على اختياراته لبعض الوزراء وهو غضب فيسبوكي هنا، صور تنشر وتعليقات تنهال، وأصدقاؤه جزء من ذلك النقد، لكنه اخرج بعضهم في تعديلين، وبقي بعضهم، ما يعني أن الفرصة تمنح ولكنها لا تبقيك.
لكن، أيضاً ليست المسألة هنا التجريب بالناس، بل إن اختيارات حكومات قبل الرزاز، كانت معارف وصداقات وإرضاء للجهويات والمناطق، وليس من مصلحة البلد ومستقبلها البقاء على تلك الطريقة سواء قبل الرزاز، أو معه، أو بعده، وهذا كله بدون حياة وعملية سياسية ديمقراطية ناجزة يبقى صعب التحقق.