تنعقد محاكمة الطاغية عمر البشير و 27 من رجال العهد البائد، الذين اذاقوا شعب السودان الحبيب، الأَمرّين على امتداد 30 سنة (1989-2019).
منذ سنة 1955 وانظمة الحكم السودانية تزج البلاد في حروب عبثية توقفت فقط عام 2005 بتقاسم الثروة والسلطة بين عمر البشير وجون قرنغ، بعد ان كبدت شعب السودان 1.9 مليون قتيل و 4 ملايين مشرد ومهجّر.
يواجه هذا الطاغية، حليف إيران وجماعة الإخوان في السودان، عدّة تهم، كل واحدة منها تكفي لربطه على الحائط، ابرزها ارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور واصدار اوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، مما نجم عنه عشرات القتلى والجرحى في صفوف شباب الانتفاضة السودانية في كانون الاول 2017، التي اندلعت بإحراق مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
ان مصير الطغاة العرب، اقران عمر البشير -وهو الطاغية ما قبل الأخير منهم- مصيرٌ دموي، مخزٍ ومحتوم. «فمن يعِش بالسيف، بالسيف يمُت».
لقد هشّم الطغاةُ العرب وكسَروا، كرامة وكبرياء نُخب الأمة. وهدروا كفاءات خيرة ابنائها.
كما بدد الطغاة مقدرات امتنا العظيمة، الروحية والمادية والعسكرية والثقافية والاقتصادية بلا طائل او حائل.
وانشغل «قادة» الأمة المستبدون بحروب عربية بينية تشاغلوا بها عن العدو التوسعي الصهيوني، فكانت النتيجة الواضحة أنهم حققوا له الأمن والتفوق، قصدوا أَمْ لم يقصدوا !!
حين يجمع المرءُ منا اشعارَ وروايات ومذكرات «أدب السجون»، سيلاحظ بلا عناء، ان هذا الأدب العظيم الحار المجبول بالدم، هو «ماركة حصرية عربية»، باستثناءات محدودة جدا !!
لقد انفثأ الطغاة وانطفأوا، وارتدّت سيوفُهم وسياطُهم عليهم. وظلت عَبَرات ولعنات الأيتام والأرامل وذوي المُغيّبين والمفقودين والمعدمين تطارد سِيَرَهم الملعونة القبيحة.
كان حسني مبارك بطل العبور المصري العظيم. وصنع القذافي ثورة الفاتح من ايلول. ووحد علي عبدالله صالح اليمن. وحقق زين العابدين بن علي الحداثة والتقدم.
لكن هؤلاء الطغاة واجهوا مصائر مخزية مشينة، لأنهم انزلقوا الى القمع والعنف والإرهاب واجتثاث المعارضين. وانحازوا الى بطانتهم الفاسدة، بدل ان يستجيبوا الى ارادة الشعب وحقوقه وحاجاته.
وقديما قيل: «الطُغاةُ يجلبون الغُزاة».