ما الذي حدث؟ وكيف ولماذا فقدنا السيطرة؟.. هذا هو لسان حال الكثيرين ونحن نشاهد أعداد الاصابات بفيروس كورونا قد تضاعفت بصورة دراماتيكية مفاجئة!!..كنا في البدايات نفزع حين كانت الاعداد تتجاوز الرقم «10» واليوم نفرح اذا هبطت أعداد الاصابات عن « 800» !!، الدول المجاورة والتي بدأت أعداد الاصابات لديها بالمئات، هي اليوم في حالة انخفاض الاعداد، بينما تتصاعد الارقام عندنا! فأين وقع الخلل؟ وأين حدثت نقطة التحول؟.. ولماذا تزداد الاعداد عندنا وتنخفض عند دول مجاورة؟؟ كل هذه أسئلة مشروعة من أجل أن نفهم ماذا حصل وكيف نعيد السيطرة على الوضع؟.
من المفروض أن تكون التجربة قد علّمتنا، ومن المفروض أن قدرتنا على المواجهة أفضل بكثير من البدايات.. وهذا مؤكد بالارقام، فالمستشفيات صارت أكثر استعدادا، والكادر الطبي والتمريضي أصبح أكثر دراية وخبرة.. وحتى المصانع باتت أكثر قدرة على انتاج المستلزمات الطبية والصحية.. ولكن مقابل كل ذلك علينا أن ندرك بأن:
- الكادر الطبي والصحي بذل جهودا جبارة الى درجة «الارهاق» و»الاستنزاف» وربما لم يعد قادرا على مواجهة تزايد الاعداد.
- هناك أخطاء وقعت خاصة على المعابر الحدودية تمت معالجتها، ولكن ها نحن نفتح المعابر الحدودية الجوية دون الحجر المؤسسي.
- تشددنا في البدايات في الحظر الشامل والاغلاقات الاقتصادية، ربما اعتقادا منّا بأن الجائحة ستنتهي في غضون ثلاثة أشهر، ومن الممكن أن نتحمل تلك الاشهر.. لنكتشف بعد ذلك بأن أمد الجائحة طويل وطويل جدا، الى درجة لا نستطيع الابقاء على الاغلاقات طويلا.
إذن.. ربما ما حدث مرجعه خطأ في القراءة والتوقعات - وهذا حدث ويحدث في جميع دول العالم - التي تحارب وتواجه عدوا مجهولا لم تتمكن كل تكنولوجيا العالم المتقدم حتى اليوم من تصنيع لقاح لمواجهة فيروس لا يرى بالعين المجردة !
المشكلة أن كل دولة ستدفع ثمنا باهظا لأخطائها في القراءة لهذه الجائحة، وفي كل المناحي الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وكل دولة تدّعي السيطرة على الوباء هي تعتقد ذلك بالقياس الى امكانياتها المتاحة الآن. بمعنى أن دولة عدد الاصابات فيها بمعدل ( 1000) اصابة تراه تحت السيطرة بالقياس الى امكانياتها المالية والطبية، في حين هذا الرقم نفسه لدول أقل قدرة وامكانيات يعد كارثة، وهو رقم متواضع بالنسبة الى دول أكثر قدرة وامكانيات.. وهكذا، إلا أن الارقام في ازدياد والأزمة تطول.. ولا يعلم أحد - غير الله - متى وكيف ستنتهي هذه الجائحة.. وكيف سيكون عليه العالم بمشهده السكاني والاقتصادي والاجتماعي بعد خمس أو ربما عشر سنوات؟!
المتغيرات والمستجدات في تطور متسارع، وأكبر نصيحة يمكن أن يقدمها الاختصاصيون - لحين اكتشاف لقاح لهذا الوباء - لمواجهة العدو المجهول غير المرئي هو سلاح «الكمامة والتباعد»، ورغم سهولة هذا السلاح لمواجهة عدو أصاب نحو 34 مليون شخص حول العالم، وأودى بحياة مليون الا أن كثيرين لا يجيدون أو لا يريدون استخدام هذا السلاح ويصرون على مواجهة العدو عزّلا دون سلاح!!