أنقرة-الكاشف نيوز:قال الكاتب ذو الفقار دوغان، في مقال بصحيفة أحوال تركية، إن سلسلة من التطورات في قطاع الاقتصاد التركي المتعثر دفعت إدارة أردوغان إلى تعليق آمالها الأخيرة على الأصول في الخارج، والسيولة النقدية غير المصرح بها وغير المسجلة داخل البلاد.
وأضاف "أنفق البنك المركزي عشرات المليارات من الدولارات من احتياطياته من العملات الأجنبية لانقاذ الليرة التركية، التي تراجعت قيمتها إلى مستويات قياسية في الأسابيع القليلة الماضية، بما أثار قلق أولئك الذين يفكرون في الاستثمار في تركيا".
وأشار إلى أنه "في هذا السياق، قدّم حزب العدالة والتنمية الحاكم مشروع قانون إلى البرلمان يطالب بإعادة الأموال من الخارج. وسيسمح القانون المؤقت للأفراد والشركات بتحويل أموالهم والذهب والعملات الأجنبية والممتلكات المنقولة وغيرها من الأصول إلى تركيا دون فحص ضريبي أو تحقيق جنائي أو عقوبة أو غرامة (في توجه يشبه بترخيص تبييض الأموال)".
واعتمدت التعديلات القانونية التي شملت قانون إعادة الأموال الأصلي، الذي سُنّ لأول مرة خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، ست مرات منذ ذلك الحين. وإذا سُنّت التعديلات الأخيرة المدرجة في مشروع القانون الشامل، فستكون هذه هي المرة السابعة التي تُخفّف فيها اللوائح المالية للثروة غير المصرح بها أو عن مصادرها السرية، بحسب دوغان.
مبررات واهية
يبرز القانون الأخير المقدم إلى البرلمان الذي يستبعد أي استفسارات حول مصدر الأموال والمجوهرات والممتلكات، ويتعهّد بعدم فرض ضرائب عليها حجم الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة التركية، فخلال تطبيقات القانون السابقة، أفاد وزراء المالية في ذلك الوقت بأن القيمة الإجمالية للأصول المحتفظ بها في الخارج (النقدية، والمعادن الثمينة، والممتلكات المنقولة، والمجوهرات، وما إلى ذلك) تتراوح بين 130 و220 مليار دولار. وحددت التقديرات المقدمة للحث على سن القانون أن هذا المبلغ يقترب من 259 مليار دولار. هذا هو السبب الذي جعل حزب العدالة والتنمية يَعِد بعدم طرح أسئلة أو فرض ضرائب لضمان جلب المزيد من الثروة إلى تركيا".
من ناحية أخرى، يقول دوغان "تتزايد مخاوف لرفض المحاكم المحلية قرارات المحكمة الدستورية. ويثير هذا مخاوف بشأن ما إذا كانت هذه المحاكم، التي تتجاهل أعلى محكمة في البلاد، ستؤيد تأكيدات الحكومة فيما يتعلق بقانون إعادة الأموال".
وتساءل الكاتب "ما هي الضمانات التي سيحصل عليها الأفراد والشركات عندما تختار المحاكم المالية والضريبية في تركيا تجاهل القانون وربما مصادرة أصولهم؟".
يفرّق التعديل المقرر تنفيذه هذه المرة بين الأصول المحلية والأجنبية. وبناء عليه، يجوز للأشخاص والكيانات القانونية التصريح عن الأموال والذهب والعملات الأجنبية والأصول المنقولة وغيرها حتى 30 يونيو (حزيران) 2021، ويمنح هؤلاء ثلاثة أشهر لإكمال تحويلاتهم. وسيسمح لهم ذلك بالحفاظ على ملكية أصولهم دون تبعات.
استغلال الشركات
ستتمكن جميع الكيانات المحلية والأجنبية في تركيا من الاستفادة من هذه الفرصة لجلب أصولها من الخارج إلى البلاد. ومع ذلك، لا ينطبق القانون على أولئك الذين لا يخضعون لضريبة الدخل أو الشركات في تركيا.
في 2008، ظلت القيمة الإجمالية للأصول المعلنة في اللائحة الأولى منخفضة وبلغت 14 مليار ليرة. في اللائحة الثانية وفي عام 2013، ظل المبلغ المستلم عند 10.5 مليار ليرة. ولم يتم الكشف عن المبالغ المعلنة في اللوائح اللاحقة رسمياً. ويشير تمديد اللائحة أربع مرات في 2019 على مدى ستة أشهر إلى عدم وجود إعلان عن الثروة بالمستوى المتوقع.
يتزامن هذا التحرك الأخير مع فترة أصبح فيها الضرر السياسي والاقتصادي والقضائي والمؤسسي أبرز في تركيا. فهي تعيش فترة تراجع فيها الاقتصاد، ووصل فيها الاقتراض إلى أعلى مستوياته، بينما بلغت التوترات في السياسة الداخلية والخارجية ذروتها. تجاهل التحالف السياسي الحاكم أعلى مؤسسة قضائية، المحكمة الدستورية، وقسّم نقابات المحامين، وقوّض البرلمان، وأعاد عقوبة الإعدام إلى جدول الأعمال، ووصف الجمعية الطبية التركية والغرف المهنية بالخونة، وقيّد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، بحسب دوغان.
صراعات
وخلقت هذه الظروف بيئة توقف فيها تدفق الاستثمارات الأجنبية بينما تصاعدت هجرة الاستثمارات، مع إمكانية نشوب صراع على أربع أو حتى خمس جبهات بشكل منتظم. بينما تبقى الاعتقالات المشخصنة والجماعية واسعة الانتشار ويُنتهك الدستور والقوانين كل يوم. وبالتالي، ليس من المنطقي أن نتوقع اقبال الكثيرين على نقل أصولهم إلى تركيا لمجرد التأكيدات التي توفرها نقطة ضمن مشروع القانون الشامل.
واختتم دوغان مقاله بالقول: "تبقى نتائج اللوائح المماثلة في السنوات الـ 12 الماضية واضحة. وإذا تمكنت الحكومة من إعادة 1% من الأصول من الخارج، والتي تقدر قيمتها بنحو 250 مليار دولار، فستكون قد حققت معجزة. فحتى عندما شهدت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي أفضل فتراتها، وصل المبلغ إلى 10-14 مليار دولار. يبقى هذا أمل الحكومة الأخير، ومن المرجح أنها لن تنجح في استغلاله".