أخر الأخبار
الحب في زمن كورونا.. نظرة فابتسامة تحجُبها الكمامة
الحب في زمن كورونا.. نظرة فابتسامة تحجُبها الكمامة

عمان - الكاشف نيوز

تُوفّر باريس المناخ المثاليّ للحب، إذ إنها بجسورها وساحاتها ومقاعدها العامة، مدينة الرومانسية بامتياز، إلّا أن الفرنسيين الشباب يجدون في زمن جائحة كورونا صعوبة في الإقدام على الخطوة الأولى، ولم تبق لهم من أسلحة الإغراء سوى… النظرات.

وباء كورونا لم يؤثر فقط على الشباب الباحثين عن علاقات عاطفية جديدة، بل ساهم في توتير العلاقات بين المتحابين أيضا خاصة بعد الحجر الصحي الذي فرض عليهم التباعد، واقتصرت لقاءاتهم على الاتصالات الهاتفية وتطبيقات التواصل عبر الإنترنت.

تتراوح أعمار يوتام ومود وفلور ويانيس بين العشرين والثلاثين، ويعتبرون جميعا أن الكمامة تشكّل عائقا دون مساعيهم إلى الإغواء، فابتسامة الطرف المعني هي الإجابة الأولى على التواصل من عدمه.

أمام جامعة السوربون التي يتابع فيها دراسته، قال يوتام، “نحن في سن الشباب، ونرغب بطبيعة الحال في أن نلتقي أشخاصا ونحوز إعجابهم، لكنّ الكمامة تشكّل مصدر إزعاج” في هذا المجال.

الكمامة التي تخفي الابتسامة هي في الحقيقة تشكل حاجزا أيضا أمام فهم مشاعر الآخر ومدى تجاوبه، فهي تقتل الإعجاب، وتكسر قاعدة نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء.

ويرى يوتام الذي يتخصص في التاريخ، أن “تعابير الوجه مهمة جدا، كالابتسامة والضحكة، لكنّ عدم التمكن من إظهار هذه التفاصيل يجعل فنّ الإغراء أكثر تعقيدا”. فإثارة إعجاب الشخص المناسب في اللحظة الصحيحة ليس سهلا.

لكنّه يؤكّد أنها “ليست نهاية هذا الفنّ، فالبارعون في هذا المجال يمكنهم أن يجدوا الطريقة المناسبة”. ويؤكد عدد من التلاميذ المراهقين وطلاب الجامعات أن السرّ يكمن في العينين.

وترى مود أن النظرات “ستصبح هي الأساس، والممرّ الذي تعبر منه كل العواطف والمشاعر”. وتضيف “هذا ما سنركّز عليه الآن، إذ سننظر إلى العينين وجمالهما”.

خبراء العلاقات العاطفية ولغة الجسد يؤكدون على أنّ الإغراء يمرّ أوّلا بالعينين، ودعوا الرجل إلى ترتيب الموقف لتتشابك عيناه مع عيني الفتاة التي تعجبه، فتفهم أنّه مهتمّ بها. وأوضحوا أنّه في حال ردّت المرأة على نظرات الرجل بابتسامة، فهذا يعني أنّها تبادله الإعجاب وبالتالي يمكنه محادثتها وربما دعوتها للعشاء أو لقضاء أمسية معه.

النظرات لا تعني التحديق في المرأة، فذلك قد يترك انطباعا سلبيا عن الرجل، عليه أن يسترق النظر إلى من تعجبه ليتأكّد من أنّها تبادله نظرات الإعجاب ذاتها، لكن كيف سيعرف ذلك إذا لم تبتسم له؟

وترى جولي، وهي في سن الثامنة والعشرين، تعمل في مخبزة، وعادت إلى العزوبية قبل مدّة قصيرة “لن يكون الحكم بعد اليوم على الملابس والتسريحة والنظرات وسواها من عوامل الإثارة، فالأمر سيتيح أيضا إيلاء أهمية للحديث مع الشخص الآخر”. وهو أمر سيكون صعبا لأن الإعجاب هو الذي يفتح شهية الحديث مع الآخر.

أما يانيس فيرى أن الكمامة لا تحول دون الإغواء، مضيفا، “نبقى بشرا تحرّكنا بعض المشاعر”.

ويؤكد الخبير في التدريب على الإغواء سليم نيدرهوفر، أن “قسما كبيرا من عملية التواصل يمرّ من خلال الوجه”، فالعينان ليستا الأداة الوحيدة لتحريك أحاسيس الإعجاب.

ليست الكمامة وحدها المسؤولة عن الحيلولة دون الإغواء في زمن الجائحة، بل تتضافر معها محدودية فرص اللقاء بالآخرين في ظل التباعد الاجتماعي المفروض على عامة الناس في الشارع والجامعة وأماكن العمل.

أكثر من 20 مليون فرنسي باتوا منذ البدء في تطبيق حظر التجوال محرومين من ارتياد الحانات والمطاعم ودور المسرح والسينما التي تقفل أبوابها عند التاسعة مساءا.

ويلاحظ نيدرهوفرن، أن العمل عن بُعد، والذي بات الكثيرون يعتمدونه، يؤثّر سلبا أيضا في هذا المجال، إذ غالبا ما تبدأ العلاقات العاطفية “في العمل والمكتب” حيث ينشأ الإعجاب. وبالتالي، فإن قسما كبيرا من عمليات الإغواء بات يحصل من خلال تطبيقات عبر الإنترنت تمهّد لموعد أول بين شخصين.

وتشكل مواقع التواصل الاجتماعي الراعي الرسمي لهذه العلاقات العاطفية الجديدة، فاللقاء الأول صار يجري عبر الفيسبوك أو الإنستغرام، وبعد تطور العلاقة، يتحول مقر اللقاءات إلى الواتساب، حيث سيتمكن الحبيبان من التحدث عبر اتصالات الفيديو.

وتؤكد فلور (20 عاما) التي تعمل في مجال التجارة أن “الأمر يسير بشكل جيد بالنسبة إلى الشبكات”، لكنّها تشدّد على ضرورة أن “يُحسِن الشخص استخدام خياله”.

وتشرح أن ضفاف نهر السين مثلا، أو الحدائق العامة التي لا تزال مفتوحة أمام الناس، تشكّل أماكن مناسبة للقاءات، إذ يمكن فيها “نزع الكمامة لدقائق” بهدف تبادل التحية.

وتضيف “يستلزم الأمر بعض الجرأة والقدرة على الابتكار، فهذا ما كان أهلنا يفعلونه، سواء بوجود وباء كورونا أو من دونه”.

وينصح الخبير نيدرهوفر العزاب بأن “يتجرأوا بالمبادرة والقيام بالخطوة الأولى” إذا صادفوا شخصا يثير إعجابهم، لكن دون إلحاح، فإذا أعجبت به الفتاة فإنها ستوافق على لقاء دون أي تردد.

ويشرح أن “البداية قد تكون بتفصيل لطيف، أو مديح لائق” لما يرتديه الشخص الآخر، أو عطره أو لون شعره أو عينيه، أو “بابتسامة كبيرة، حتى لو حجبتها” الكمامة، ولكن بعض تلك التعابير إذا كانت فيها مبالغة فقد لا تترك أثرا إيجابيا في نفس المرأة.

ويلاحظ أن الكثيرين يفضّلون أن تكون الخطوة الأولى من خلال مواقع المواعدة “حيث يكون المرء في مأمن، وثمة وقت للتحادث ولطمأنة الآخر”.

ويختم قائلا “المحادثة يجب أن تتمحور حول القِيَم، والقيم هي ما يجمع بين شخصين على المدى الطويل، وبالتالي يحصل الجانب الإيجابي” في العلاقة.