في الاقتصاد الحر الذي يشجع مبادرات القطاع الخاص ترتفع حالات تعثر المستثمرين على إختلاف احجامهم، الا ان المتعثرين لا يتم تجريمهم نظرا لتفانيهم في مرحلة ما حيث نجحوا وخدموا الاقتصاد والمجتمع، ولاسباب اما شخصية او / و موضوعية وقعوا تحت حالة نقص السيولة التي تهدد مسؤولياتهم واعمالهم، قدمت دول مختلفة تشريعات تحميهم من مخاطر الافلاس وإغلاق مؤسساتهم وشركاتهم بما يحمله ذلك بزيادة المتعطلين عن العمل وتحقيق البنوك التي قدمت تسهيلات للشركات المتعثرة.
في مقدمة الدول التي اهتمت بالمتعثرين هي الولايات المتحدة الامريكية حيث افردت قانونا خاصا بالمتعثرين شاملا الجوانب المالية والقانونية بما يحميهم ومنحهم فرصا إضافية للتعافي، وفي بعض الحالات يتم تقديم تمويلات إضافية لتسيير اعمال شركاتهم، وفي هذا السياق فان الرئيس الامريكي دونالد ترمب لجأ لقانون الاعسار اربع مرات ومن ثم تعافى واصبح من الاثرياء في امريكا ويمتلك موجودات لاتقل عن 11 مليار دولار حسب شركات امريكية.
الاردن من الدول التي تأخرت كثيرا في إصدار قانون الاعسار ( المتعثرين ) الا ان القانون ولد معاقا حيث إمتدت ايادي الدائنين الى صلب القانون، لذلك نجد عشرات الشركات الاردنية تقدمت بطلبات لتحسين مؤسساتهم وإيقاف مؤقت للدائنين وإرجاء القضايا لحين تعافي الشركات، الا ان شركات تمت الإجابة لطلباتهم إذ رفضت المحاكم طلباتهم واخر هذه الطلبات شركة لافارج الاسمنت التي دخلت في مرحلة صعبة ماليا وتشغيليا.
جائحة فيروس كورونا المستجد ادخلت شركات ومؤسسات كثيرة وافراد تحت طائلة الإعسار ( التعثر ) الا ان اعتماد قانون الدفاع بالاوامر المتلاحقة جمدت مرحليا مطالبات البنوك، الا ان المرحلة المقبلة قد تشهد ارتفاع القضايا بين البنوك والمتمولين، وفي نفس الوقت قد نواجه حالة صعبة تحت عنوان كبير ..يشمل عشرات الالاف من الغارمين غير القادرين على تسديد الاقساط والقروض عليهم خصوصا المبالغ الصغيرة.
اليوم ونحن نسعى لتشغيل القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتخفيف شروط التمويل ومنحها فترة توفيق لغايات الاشتراك في الضمان الاجتماعي، وهذا يستدعي الاستعداد مبكرا لمواجهة ازمة مالية لها انعكاسات اقتصادية واجتماعية، ومعها ترتفع المنازعات المالية امام القضاء الاردني.
هناك حاجة ماسة لإعادة النظر بقانون الاعسار خصوصا وان الحكومة السابقة تعهدت بتعديل القانون لتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة، فالقانون دليل على حداثة التشريعات ومسايرتها للاقتصادات العصرية، فالاستثمار اهم العوامل القادرة على تخفيف البطالة وتحسين مستويات المعيشة في البلاد.