من الجميل أن نجد التفاف المسلمين حول نبيّهم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ودفاعهم عنه ببيان محاسن أخلاقه ونقاء سيرته وطهر سريرته، وممّا يعطي إشارة أنّ المسلمين مهما تقبّلوا من أوضاع وظروف غير سارّة إلا أنّ ثوابتهم الدينية وشعائرهم الإسلامية خط أحمر لا يُسمح لأحد –كائنا من كان-أن يتجاوز عليها، ثم يمرّ الأمر مرور الكرام.
ومن القبيح أن نجد من يستغلّ مسمى حريّة التعبير أبشع استغلال ليسيء إلى الآخرين، مع أنّني أنادي دوما بحريّة التعبير، لكن أي حرية نريد؟ إنها الحرية المسؤولة التي تبني ولا تهدم، وتجمع ولا تفرّق، ولا يخفى أنّ حرية كلّ إنسان تنتهي عندما تبدأ حريّة الآخرين، فهذا الذي تجاوز وأساء إلى سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم قد أساء في نفس الوقت إلى ما يزيد عن مليار مسلم من أتباعه، وتجاوز على أهمّ شخصية عند المسلمين، وتسبب لهم بالضرر النفسي والمعنوي والروحي، مما لا يمكن اعتباره عند أي عاقل ضربا من حريّة التعبير.
إنّ هذا السلوك المسيء إنما يدلّ على تعسّف في استعمال الحق، وفقدان القدرة على التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضارّ، وفيه رفع لمنسوب الكراهية بين الناس، وتعزيز للعنصريّة المقيتة، وكلّ هذه تزيد من الصراعات ولا تنقص منها شيئا، علما أنّنا في زمن نتحدث فيه عن السّلم والسلام، والتعاون والشّراكة بين مختلف الأمم والشعوب.
لا يستطيع الإنسان أن يقف ساكنا عندما يرى مقدّسًا عنده يُهان، وهذا الكلام كما ينطبق على المسلمين ينطبق على كل الأديان والملل، لذلك كان من المُسلّمات البعد عن المساس بتلك المقدّسات حفاظا على السّلم العام وحرصًا على الوحدة الجامعة بعيدًا عن أي سبب للفرقة والنزاع.
وأخيرًا لا ننسى أنّ الحقّ أفضل من يُدافع عن نفسه، ولا بدّ أن ندرك أنّ الاحتجاج السلمي والتعبير عن الغضب بكلّ الوسائل السّلمية القانونيّة حقّ مشروع من حقوق الإنسان، لكن علينا أن نحذر من أن يصل بنا استفزاز الطّرف المسيء إلى حدّ نخرج معه عن قواعد الشرع والخلق والقانون، فتنقلب علينا الطاولة، ويصير الحق علينا لا لنا.