أخر الأخبار
وعد بلفور المشؤوم في ذاكرة الأجيال المتعاقبة
وعد بلفور المشؤوم في ذاكرة الأجيال المتعاقبة

بالرغم من مرور (103) أعوام على إعلان وعد بلفور المشؤوم، إلا أن يوم الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام يظل يوما استثنائيا ومأساويا بالنسبة للشعب الفلسطيني.. فهو يوم إنطلاقة المشروع الصهيوني الغاشم على أرض فلسطين الأبية بعد أن أعلن وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور في ذلك اليوم من عام 1917عن تعهد بلاده بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

ويستذكر الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته وفصائله ذلك اليوم بالأسى والمرارة بسبب تواطؤ حكومة الانتداب البريطاني، صاحبة الولاية على فلسطين في تلك الحقبة، على جريمة طرده من دياره وتشريده في أركان المعمورة تحت وطأة العصابات الصهيونية المدججة بالسلاح والعتاد.

ولكن، وبالرغم من ذلك التواطؤ وتلك الخيانة التاريخية، وبدلا من أن تعتذر الحكومة البريطانية للشعب الفلسطيني عن هذا العمل الخسيس، إلا أنها احتفلت قبل سنوات قليلة بمئوية وعد بلفور، في رسالة واضحة لكسب ود اللوبي الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية الذين لا قيمة لهم على الاطلاق مع أن مصالح بريطانيا الاقتصادية والسياسية لدى الدول العربية أكثر بكثير من مصالحها لدى الكيان الصهيوني، سواء فيما يتعلق بشراء الاسلحة أو الاستثمارات أو حجم التبادل التجاري..ألخ.

إن الحكومات البريطانية المتعاقبة تدرك جيدا حجم الويلات والمآسي التي حلت بالشعب الفلسطيني بعد أن أطلقت حكومة الانتداب آنذاك، العنان للعصابات الصهيونية المدججة بالسلاح وفي مقدمتها الارغون وشتيرن والهاجاناة، وسمحت لها بارتكاب مئات المجازر والفظاعات ضد الشعب الفلسطيني الاعزل في القدس وحيفا ويافا والعباسية وقبية ودير ياسين والرملة ويافا وصفد وغيرها.. وكانت النتيجة أن تشرد هذا الشعب في أصقاع المعمورة لدرجة أنه لا تكاد توجد بقعة في العالم تخلو من مكونات الشعب الفلسطيني الذي لم يستسلم لليأس والهوان بل أنه أبدع وتفوق في البلاد التي استقر فيها وساهم في نهضة تلك الدول في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية..ألخ.

واليوم، وفي غمرة اجتياح فيروس كورونا العالم وحصده الإصابات والأرواح بالملايين وربما بسبب الإنشغال بالانتخابات النيابية وتردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية نتيجة لتفشي الجائحة اللعينة فقد بات واضحا أن وسائل الاعلام والتواصل الإجتماعي المحلية والعربية لم تولِ هذا الحدث الجسيم لغاية تاريخه، الأهمية التي تستحقها لتبقى هذه الذكرى حية في أذهان الأجيال الفلسطينية والعربية المعاقبة إلى أن تعود الحقوق التاريخية المشروعة الى أصحابها الشرعيين.

وفي هذا المقام نؤكد للقاصي والداني تمسك الشعب الفلسطيني ومعهم الشعوب العربية والشعوب الحرة على مستوى العالم بالحق المشروع لاسترداد أرض الآباء والاجداد.. مهد الحضارات والديانات، وأنها ستعود إلى أهلها الشرعيين طال الزمان أو قصر بعون الله ومشيئته.

على الحكومة البريطانية أن تدرك أن هذا الحق  لا يسقط بالتقادم بل أن الأجيال تتمسك جيلا بعد جيل وعلى بريطانيا أن تعترف بأنها ارتكبت جريمة لا تغتفر بحق الشعب الفلسطيني وعليها أن تحمل المسؤولية المادية والمعنوية عما لحق بالشعب الفلسطيني من تشريد وتهجير ونزوح ومصادرة أراضي وما تعرضوا له من معاملة عنصرية من عدو لا يرحم وعليها أن تعتذر على رؤوس الأشهاد عن هذه الخطيئة التاريخية بسبب ذلك الوعد المشؤوم الذي تم بموجبه منح «من لا يملك لمن لا يستحق».

وعلى الحكومة البريطانية أن تدرك جيدا أن القضية الفلسطينية كل لا يتجزء ولا يملك أحد حق المساومة عليها إلى أن تعود إلى أصحابها الشرعيين ولو بعد حين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.